سلط الجدل الإسرائيلي الأخير على قانون لم الشمل للعائلات الفلسطينية، الضوء على المواقف الإسرائيلية التي تدافع عن منع تطبيق حق الفلسطينيين في العودة، لكنه تعرض لضربة قاتلة بعد أن وضع بنيامين نتنياهو أيديولوجية عليا أمامه، مفادها أن العودة للحكومة فوق كل اعتبار، ما يضيف لإرثه السياسي مزيدًا من النقاط المتعارضة.
من الصعب التكهن بحقيقة الإرث الذي سيتركه نتنياهو، لكن البند الذي سيطغى على كل هذا الإرث، هو إسهامه في الأشهر الأخيرة في تحول (إسرائيل) إلى دولة ثنائية القومية، على الرغم من بعض الأصوات الإسرائيلية التي تزعم عدم وجود نية للخوف من أن تخسر الأغلبية اليهودية، أو يكون لديها عدد كبير من السكان غير اليهود.
مع العلم الخطوة الأولى نحو دولة ثنائية القومية اتُّخِذت بعد حرب حزيران 1967، عندما قرر وزير الحرب آنذاك موشيه ديان محو الحدود بين (إسرائيل) والخط الأخضر والمناطق الفلسطينية، وهكذا التقى الفلسطينيون المقيمون في (إسرائيل) فجأة بأقاربهم في الضفة الغربية وقطاع غزة، بعد انقطاع دام عشرين عامًا.
شكل هذا الحدث في حينه خطوة مهمة في تكوين الشعب الفلسطيني، ما أدى لتدفق كبير من الفلسطينيين داخل (إسرائيل)، وأسهم من بين أمور أخرى في ظاهرة تعدد الزوجات التي نشهدها بين البدو في النقب بشكل رئيس، مع أنه لا يسع الإسرائيلي أن يتخيل كيف ستبدو الدولة إذا سعى اليهود للحفاظ على تراثها الصهيوني، على حين سيسعى الفلسطينيون لأن تصبح دولة لجميع مواطنيها، وفي المرحلة التالية دولة فلسطين.
المرحلة التالية جاءت مع الاستيطان في المناطق الفلسطينية، الذي تطور بخطوات توسعية إحلالية مع صعود حركة غوش إيمونيم الاستيطانية بعد حرب أكتوبر 1973، واستندت إلى افتراض أنه سيكون من الممكن ضم الأراضي دون سكانها الفلسطينيين، أو على الأقل دون منحهم الجنسية الإسرائيلية، وقد تبين لاحقًا أن هذا وهم، فما كان يمكن فعله قبل 70 أو 100 عام غير ممكن اليوم.
لا تتردد كثير من الأوساط الإسرائيلية في تأكيد أن الاستيطان اليهودي في المناطق الفلسطينية، وبالتأكيد خارج الكتل الاستيطانية الكبرى، وفي قلب السكان الفلسطينيين، يعدُّ حافزًا مهمًّا لإقامة دولة ثنائية القومية، خاصة مع زيادة تدفق الفلسطينيين إلى داخل الخط الأخضر، وهو ما يتم بطرق مختلفة ومتنوعة.
تجدر الإشارة إلى أن حالة البؤرة الاستيطانية أفيتار في نابلس شمال الضفة الغربية، تعدُّ نموذجًا حيًّا على ذلك، لكن الخطوة التي أقدم عليها نتنياهو قبل أيام بهدف تقويض حكومة نفتالي بينيت، من خلال الفشل في تعديل قانون الجنسية، شكل انتصارًا باهظ الثمن، صحيح أن الحكومة لن تسقط، لكن البوابة ستفتح لدخول أعداد كبيرة من الفلسطينيين إلى داخل (إسرائيل)، وهو ما يخشاه الإسرائيليون.