في غمرة الاتصالات الدبلوماسية الإسرائيلية في الآونة الأخيرة، لاسيما مع تسلم وزير الخارجية الجديد مهامه، يائير لابيد، تحذر الأوساط السياسية الإسرائيلية من مغبة عدم قراءته لخريطة مصالح المنطقة، وأهميتها لـ(إسرائيل)، من حيث ضرورة إدراك مدى أهمية العلاقات مع مصر والأردن لأمن (إسرائيل).
صحيح أن العلاقات بين (إسرائيل) ودول الخليج لم تعد تحت شاشة الرادار، وباتت علنية ومكشوفة، لكن في الوقت نفسه، فإن ذلك قد يثير إحساسا بخيبة الأمل الإسرائيلية، على اعتبار أن الأشياء التي حققها الإسرائيليون مع الإمارات في عام واحد فقط، لم يتمكنوا من تحقيقها مع مصر والأردن منذ عقود طويلة.
يزعم الإسرائيليون أن مصر والأردن مهمتان للأمن القومي لـ(إسرائيل)، لكنهما في الوقت ذاته دأبتا على إعلان ذرائعهما التي تشير إلى أن أي محاولة داخلية لتعميق الروابط بين شعوبهما والإسرائيليين، سواء أكاديمية واقتصادية وزراعية وثقافية، من شأنها أن تقوض حكم القادة في هاتين الدولتين، وتؤثر سلبيا في تعاونهما الأمني.
هذه الذرائع كما يسميها الإسرائيليون، تتعارض مع ما يحصل اليوم من اتفاقات تطبيعية تؤكد حاجة (إسرائيل) لتغيير اتجاه السفينة، بزعم أنه لم يعد لديها وقت تضيعه، فقد مر عقد من الزمان منذ أن هاجمت الجماهير المصرية في 2011 سفارتها في القاهرة، ولم يعد لها مقر رسمي، ويعمل الطاقم الدبلوماسي من منزل السفير، ولمدة طويلة لم يجلس في القاهرة على الإطلاق، بل كان يعمل من (تل أبيب).
بالعودة للسنوات الأولى لتوقيع اتفاقيات التسوية مع مصر والأردن، تجول الإسرائيليون في شوارع عاصمتيهما بحرية، دون مرافقة أمنية، لكن اليوم بات هذا الأمر خيالا، فالجمهوران المصري والأردني يعدان (إسرائيل) كلمة وقحة، رغم أن قادتهما يبذلون كل ما بوسعهم لزيادة التعاون أضعافا مضاعفة، لكن الأمر يبدو لافتا حين ينظر الإسرائيليون شرقا للخليج العربي، ويرون كيف يعمل هذا التطبيع، وخلال شهور قليلة فقط.
في دول الخليج، يزعم الإسرائيليون، أنهم يرون مظاهر لا حصر لها من التطبيع، وبتشجيع من قادة دولها منذ توقيع الاتفاقيات الأخيرة، من حيث التعاون الأكاديمي بين المؤسسات الموازية، والمبادرات التجارية والاقتصادية، والعلاقات السياحية، وقريبا إقامة مركز للجالية اليهودية في دبي، انطلاقا من أن أولئك القادة يعلمون أن تعزيز العلاقات مع (إسرائيل) في جميع المجالات مفيد لهم.
في ظل هذه التطورات، تطالب تلك الأوساط الإسرائيلية دوائر صنع القرار الدبلوماسي بمحاولة ترجمة اتفاقيات السلام مع مصر والأردن، كما هي الحال في الإمارات والبحرين، ولعل الاتصال بين رئيس الوزراء نفتالي بينيت والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وزيارته للأردن ولقاء الملك، يفتح الباب أمام هذا التعاون، خشية المزيد من الخسارات.