فلسطين أون لاين

​كيف يعيش المدمرة منازلهم أجواء رمضان؟

...
أسرة فلسطينية تفطر على أنقاض منزلها (الأناضول)
غزة - ربيع أبو نقيرة

اختلافات كثيرة طرأت على حياة سكان قطاع غزة المدمرة منازلهم جراء العدوان الإسرائيلي عام 2014م، خصوصًا في شهر رمضان المبارك.

وتمكن على مدار الأعوام الثلاثة الماضية جزء من المدمرة منازلهم من إعادة إعمارها والتخلص من التشرد ومشاكل الإيجار، لكن عدد كبير منهم ما زالوا يعيشون في "كرفانات" خشبية أو منازل مؤجرة.

هؤلاء تغيرت عليهم مظاهر استقبال شهر رمضان للعام الثالث على التوالي، وغابت عنهم مشاهد كانوا يستمتعون بها في منازلهم وحاراتهم التي تشردوا منها.

علاء شمالي (32 عامًا) عاش لظى الحرب في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وتشرد منها جراء هدم منزله في المجزرة المشهورة بالحي عام 2014م، وما زال بعيدًا عن أهله وجيرانه.

شمالي الذي يسكن مع عائلته المكونة من 6 أفراد في شقة مؤجرة بمدينة غزة _وتحديدًا في شارع الجلاء_ يستذكر اليوم المظاهر الجميلة التي كانت تخيم على الحي حينما كان يسكنه.

ويقول في حديثه لصحيفة "فلسطين": "للعام الثالث على التوالي أعيش أجواء رمضان وحدي دون أهلي، وبعيدًا عن كل الأجواء المعهودة التي كانت تحلو بها أوقات رمضان".

ويضيف شمالي: "أجواء رمضان وحدي تفتقد أشياء كثيرة، منها وأهمها أن الإنسان أصبح غريبًا عن أهله وجيرانه وأصدقائه، وثلاث سنوات لم تكف للتأقلم على البعد عن الأهل، في ظل عدم تمكني من العودة إلى بيتي السابق حتى اللحظة".

ويتابع: "أجواء رمضان مع العائلة لا يضاهيها شيء، دون التقليل من أجواء رمضان في كل عام، لكنها تختلف علي شخصيًّا وعلى أطفالي الذين يغيبون عن مشاهد اللعب مع الأطفال، ويقضون أوقاتهم في شقة سكنية، أبوابها مقفلة عليهم، سوى الخروج في بعض الزيارات، لذلك هم يشعرون بأنهم غرباء".

ويشير إلى أن أجواء رمضان في المنزل المؤجر زادت من مسؤوليات العائلة ومصروفاتها على كاهله، قائلًا: "أصبحت مطالبًا بتوفير كل طقوس رمضان، لكن مع العائلة الأمر يختلف تمامًا، حتى على مستوى المصروفات التي كانت تذوب مع العائلة".

ويقول شمالي: "فرق شاسع بين رمضان مع العائلة الكبيرة، ورمضان مع الأسرة الصغيرة التي لا تطبق من طقوس رمضان سوى السحور والإفطار، وبعض الزيارات الخاطفة، خلاف رمضان السنوات الماضية، الذي كان يحلو بطقوس متنوعة مع العائلة والجيران والأصدقاء والأطفال".

جحيم الكرفان

ويختلف الأمر كثيرًا مع ساهر النجار (36 عامًا) الذي يعيش في كرفان خشبي، بعدما دمر الاحتلال منزله في بلدة خزاعة شرق محافظة خان يونس جنوب القطاع، في عدوانه على غزة عام 2014م.

وتغيب المظاهر الاحتفالية عن منزله وأطفاله، سوى اصطحابهم إلى المسجد لأداء الصلوات في جماعة، خصوصًا الفجر والتراويح، للعام الثالث على التوالي، في انتظار الفرج.

النجار وصف حياته في الكرفان الخشبي بـ"المأساة الكبيرة"، وبين في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن الكرفان الخشبي كـ(ساونا) في الصيف و"ثلاجة" في الشتاء، ولا يقي أطفاله حر الصيف ولا برد الشتاء.

ولفت إلى أنه وزوجته، وأطفاله الأربعة أحمد ومحمد وعبد الله ونور الدين يقضون وقتهم في رمضان أمام الكرفان لا داخله، مع حرارة الشمس العالية، فـ"خارج الكرفان أهون عليه من داخله"، وفق حديثه.

وأشار النجار إلى أن المسئولين عندما وفروا الكرفانات الخشبية حلًّا بديلًا للعائلات المدمرة منازلها لم ينهوا ولو جزءًا بسيطًا من معاناتهم، بل زادوها وضاعفوها عليهم، قائلًا: "الكرفان الخشبي لا يصلح للحياة الآدمية، وهو مثل مخزن".

وبين أن وكالة الغوث أدرجت حالته ضمن الهدم الكلي، ثم تراجعت وأدرجته ضمن الهدم الجزئي البليغ، وقررت تخصيص نحو 10 آلاف دولار من أجل إعادة إعمار منزله، دون صرفها حتى اللحظة.

وقال: "لو كان بمقدرتي إعادة إعمار منزلي؛ لما انتظرت هذه السنوات الطويلة في المعاناة والألم"، لافتًا إلى أنه مريض وأجري له عدة عمليات غضروفية في ظهره، ولا يستطيع العمل، في ظل الوضع الاقتصادي الصعب.

وتابع: "لا طعم لأجواء رمضان في ظل الحر الشديد بالكرفان"، مضيفًا: "أضطر إلى إرسال أطفالي في بعض الأحيان مفرقين إلى بيوت أعمامهم أو أخوالهم، لتجنيبهم الحر والمرض".

وأكمل: "رسالتي في رمضان إلى المعنيين: نحن أوضاعنا صعبة، قدمنا وضحينا، وحان الوقت لنعيش بكرامة مثل شعوب العالم، ومكافأتنا ببناء منازلنا، لكن الأمر مختلف تمامًا، فالحصار مطبق علينا من القريب والبعيد".

وأعرب عن أمنياته وأمله في أن يقضي شهر رمضان القادم في منزله، وقد أعاد بناءه وسكن فيه.

بدوره بين رئيس بلدية خزاعة شحدة أبو روك أن نحو 90 عائلة في بلدة خزاعة بقيت من دون بيوت، قائلًا: "جزء منهم أدرجت أسماؤهم ولم يتمكنوا من البناء بسبب توقف الدفعات ضمن المنح المختلفة، وجزء آخر لم تدرج أسماؤهم ضمن منح الإعمار".

وأكد إنهاء ظاهرة العيش في الكرفانات الحديدية، مشيرًا إلى أن بعض المدمرة بيوتهم يعيشون في كرفانات خشبية، وآخرين في بيوت مستأجرة.

وقال أبو روك في حديثه لصحيفة "فلسطين": "معاناة السكان بسبب الحرب لم تقتصر على فقدان البيوت فقط، فكثير منهم فقد الماشية والمزارع والأشجار المثمرة كالزيتون".