أجزم اختصاصيون اقتصاديون، أن دولة الاحتلال "الإسرائيلي"، تعيش على وقع تراجع اقتصادي حاد لم تشهد له مثيل منذ احتلالها لفلسطين في العام 1948، وأنه سيكون لذلك انعكاسات وخيمة على موقع دولة الاحتلال بين الدول الاقتصادية.
وبيّن المتحدثون لـ"فلسطين أون لاين" أن محاولات حكومة الاحتلال إخفاء خسائرها الاقتصادية جراء الحرب على قطاع غزة وتصاعد التوتر على الحدود الشمالية، باءت بالفشل في ظل الوقائع والمتغيرات التي بدأت تتكشف يوماً عن الآخر كانخفاض الاستثمارات الأجنبية، هجرة رؤوس الأموال، عجز في الموازنة العامة، تعطل السياحة والصناعة وغيرها.
الضبابية
أكد الاختصاصي الاقتصادي د. نور الدين أبو الرب على أن الضبابية تخيم على مستقبل الاقتصاد "الإسرائيلي"، بعدما أصبحت دولة الاحتلال بيئة غير آمنة، تشهد تعطل في القطاعات الإنتاجية وعزوف الاستثمارات وأن الوقت ليس في صالحها.
وقال الاختصاصي أبو الرب :" إن دولة الاحتلال تعيش على وقع اقتصادي لم يشبه له مثيل منذ احتلالها لفلسطين في العام 1948، فخسائرها المباشرة وغير المباشرة في شن حربها على غزة أضعاف مضاعفة عن الخسائر التي منيت بها في حروبها السابقة وعدواناتها المتكررة".
ولفت أبو الرب إلى أن الاقتصاد "الإسرائيلي"، سيمر بأزمة اقتصادية أشد إذا ما فتحت دولة الاحتلال جبهة حرب جديدة مع لبنان وحينها ستكون الأسواق المالية "الإسرائيلية" متدهورة، وسيفقد الشيقل قوته أمام سلة العملات الأجنبية، ما سيكون لذلك تداعيات وخيمة على مجمل القطاعات الاقتصادية وخاصة التجارة.
وأشار إلى حجم الإعانات الكبيرة التي تضطر أن تنفقها حكومة الاحتلال على النازحين من مناطق قريبة من قطاع غزة والحدود الشمالية بفعل الحرب.
ولفت الاختصاصي أبو الرب إلى أن خروج دولة الاحتلال من قائمة الدول المستقطبة للثروات الخاصة شكل ضربة قاسية للاقتصاد الإسرائيلي.
وأوضح في هذا الصدد، أن تل أبيب خرجت من قائمة الدول العشرين المستقطبة للثروات الخاصة وهو خروج كبير بعدما احتلت دولة الاحتلال العام الماضي المركز 12 في تلك القائمة.
ويجدر الإشارة إلى أنه في فبراير المنصرم خفضت وكالة (موديز) التصنيف الائتماني لدولة الاحتلال لأول مرة في تاريخها وغيرت توقعات تصنيفها إلى سلبية، كما خفضت الوكالة تصنيف الودائع لأكبر خمس بنوك إسرائيلية.
خيارات صعبة
ونوّه الاختصاصي أبو الرب إلى أن الانفاق الحكومي في دولة الاحتلال زاد خلال فترة الحرب وهو ما يضع الحكومة أمام خيارات صعبة عند وضع الموازنة الجديدة حيث ستكون على حساب قطاعات دون أخرى وتثقل كاهل الإسرائيلي.
وبيّن أن وزارة المالية اقترحت خفض نفقات الحكومة بموازنة العام المقبل بنسبة 5% أي( 940.2 ) مليون دولار لمواجهة نفقات الحرب على أن تشمل خفض رواتب كبار الموظفين، تقليص مخصصات الأحزاب المشكلة للحكومة، إلغاء وزارات غير ضرورية، رفع ضريبة القيمة المضافة.
ورجّحت وزارة المالية الإسرائيلية أن يصل العجز المالي إلى 6.2% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025 .
وسبق أن حذّر محافظ بنك (إسرائيل) من أن تكلفة الحرب ستكون 67 مليار دولار بين 2023 حتى 2025، وأن فوائد الاقتراض الحكومي من المصارف سيرتفع بقيمة 2.4 مليار دولار.
تعطل الإنتاج والاستثمار
وبدوره قال الاختصاصي الاقتصادي د. هيثم دراغمة إن الاقتصاد الإسرائيلي يعتمد على الزراعة والصناعة والسياحة والتكنولوجيا كعناصر رئيسة لكن هذه القطاعات مدخلاتها المالية متدنية للغاية لاسيما السياحة التي كانت تشكل نسبة عالية في الموازنة العامة.
وأوضح دراغمة لـ"فلسطين أون لاين" أن المناطق الزراعية القريبة من قطاع غزة وشمال فلسطين المحتلة أصبحت خاوية والمصانع الموجودة في تلك المناطق أيضا تعطلت.
ونوّه إلى أن التبادل التجاري بين دولة الاحتلال والعالم الخارجي تراجع والتجارة مع تركيا أكبر مثال على حجم الضرر.
وذكر دراغمة انخفاض الاستثمارات الأجنبية المباشرة في دولة الاحتلال إلى 1.1 مليار دولار في الربع الأول من 2024 مما يعني أن "الإسرائيليين" يهربون استثماراتهم الى الخارج، مشيراً إلى تضخم العجز المالي الى 7.2% من الناتج المحلي الإجمالي مع ارتفاع الانفاق الحكومي بنسبة 10% .
ومن الجدير ذكره هنا أن الاستثمارات الأجنبية تلعب دور حيوي في النمو الاقتصادي لأنها توفر رأس المال، والتكنولوجيا الجديدة، الخبرة الإدارية.
عزوف المستثمرين
حديث الاختصاصي ينسجم مع ما قالته منصة غلوبس الإسرائيلية، بأن الحرب على قطاع غزة لم تحطم صورة (إسرائيل) كملاذ آمن لكنها تهدد أيضاً على إنجازاتها الاقتصادية، وأنه عقب شن الاحتلال عدوانه انكمش اقتصاده بنسبة 20% في الربع الأخير من العام الماضي، كما أخرج المستثمرون الأجانب أكثر من9 مليار دولار من سوق الأوراق المالية ،و سحب 4 مليارات دولارات من السندات الحكومية.
وأشارت المنصة إلى نجاح حركة المقاطعة BDS في تراجع صناعة الرقائق الأمريكية انتل عن بناء مصنع جديد لها في دولة الاحتلال بقيمة 25 مليار دولار.
وأوضح دراغمة أن الاستثمارات الإسرائيلية في الخارج قفزت بنمو 30% في الربع الأول من السنة الحالية إلى 2.9 مليار دولار، مما يعني أن الإسرائيليين يهربون استثماراتهم الى الخارج.
وأشار إلى تضخم العجز المالي في دولة الاحتلال الى 7.2% من الناتج المحلي الإجمالي مع ارتفاع الانفاق الحكومي بنسبة 10% .