تتواتر الأنباء الإسرائيلية بخصوص تجهيزات أمريكية لإعادة افتتاح القنصلية الأمريكية في شرقي القدس، الخاصة بالتواصل مع الفلسطينيين، لأغراض مدنية أو إجراء اتصالات سياسية، وهو ما كان عليه الحال طوال سنوات ماضية، قبل إغلاق الرئيس السابق دونالد ترامب لها.
المطالبات الإسرائيلية المبكرة بدأت تتصاعد، ومفادها أنه بالتواصل مع الإدارة الأمريكية والكونغرس يجب على الحكومة الإسرائيلية الجديدة أن توضح أنها مثل سابقتها، لن توافق على إعادة فتح قنصلية أمريكية منفصلة في القدس، يكون هدفها الرئيس تمثيل الولايات المتحدة لدى الفلسطينيين.
يتذرع الإسرائيليون الرافضون هذه الخطوة الأمريكية أن هناك طرقًا أخرى يمكن لإدارة الرئيس جو بايدن عبرها إدارة علاقاتها المستمرة بالسلطة الفلسطينية، لأن وجود تلك القنصلية سابقًا في القدس عكس سنوات عديدة عدم الاعتراف بسيادة (إسرائيل) على المدينة، وقد سارع رئيس الوزراء آنذاك بنيامين نتنياهو إلى التوضيح بعدم منح الموافقة على الخطوة.
ترى الأوساط الإسرائيلية أن رفض الحكومة الجديدة هذا التوجه الأمريكي يجب أن يأتي في سياق الحوار السري مع إدارة بايدن، وإذا لزم الأمر أيضًا بدعم من تشريعات الكونغرس، بحيث يكون موقفها مستندًا إلى ثلاثة أسباب أساسية، أولها على مستوى المبادئ، إذ ستجسد الخطوة عمليًّا تراجعًا عن الاعتراف الأمريكي بسيادة (إسرائيل) على المدينة، وهناك تداعيات قانونية بعيدة المدى لوجود سلطة دبلوماسية منفصلة لا تخضع لسلطة السفير الأمريكي في (إسرائيل).
يتخوف الإسرائيليون أن يُفسَّر الفلسطينيون وغيرهم استئناف عمل القنصلية في القدس بأنه اعتراف أمريكي بشرعية مطالبتهم بدولة "عاصمتها القدس".
وثانيها على المستوى العملي، مع توقع أن يتبنى الممثل الدبلوماسي الأمريكي المستقل في القدس، تحت ضغط من زملائه من الدول الغربية، أو بسبب إدراكه دوره، نمط التعاطف مع المواقف الفلسطينية الأساسية، والسلوك المصمم لتضييق أقدام (إسرائيل) في المدينة.
السبب الثالث يتعلق بالتوقيت، فأي تحرك يمس بمكانة (إسرائيل) في القدس، خاصة عندما يأتي عقب أحداث مايو 2021، ومعركة سيف القدس، وتأثيرها القوي؛ فإن ذلك كفيل بما يكفي لتفسيره أنه انتصار لحماس، صحيح أنه سيعزز السلطة الفلسطينية التي ستكون القنصلية على اتصال بها، لكن في نظر الجمهور الفلسطيني، ووعي العالم العربي، من سيُنسب إليها الفضل السياسي في هذا الإنجاز هي حماس.
مع العلم أن دولة الاحتلال لا تعارض بشكل كامل إقامة أي علاقة منظمة بين السلطة الفلسطينية في رام الله والأمريكيين، بل هناك فائدة من وجود هذه القناة، مع ضرورة الإصرار على أن الدعم الأمريكي لها سيكون مشروطًا، وفقًا لما تقتضيه تشريعات الكونغرس، وانسجامها مع التوجهات الأمريكية لحل القضية الفلسطينية.