فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

فشل الخيارات الإسرائيلية تجاه غزة

ما زالت الأوساط الأمنية والعسكرية الإسرائيلية تُجري مفاضلاتها في التعامل مع التهديدات المختلفة التي تواجهها، بحيث تتعامل مع كل حلبة على حدة من "الأخف وزنا" إلى "الأثقل"، بهدف التركيز قدر الإمكان، في الوقت المناسب، على التهديد الأكثر خطورة الذي يواجهها.

صحيح أن التهديد الذي يشكله قطاع غزة ثانوي من حيث الأهمية مقارنة بالتهديدات الأخرى كالجبهتين اللبنانية والإيرانية، لكن تسلح المقاومة المستمر، وفشل (إسرائيل) بردعها على مر السنين، يزيدان من التهديد بمرور الوقت، وقد يتطور لتهديد له أهمية مماثلة للجبهة اللبنانية.

في حرب متعددة الساحات، يتوقع أن تقاتل (إسرائيل) على ثلاث جبهات رئيسة: لبنان والجولان وغزة، كما أن الضربات الجوية باستخدام صواريخ بعيدة المدى أو عبوات ناسفة من العراق واليمن، يوفر أرضًا خصبة للقواعد العسكرية الإيرانية، من خلال الميليشيات العراقية والحوثيين في اليمن، وفي مثل هذا الوضع، قد تكون غزة عاملًا مضاعفًا للقوة لإلحاق الضرر بـ (إسرائيل).

يعتقد الإسرائيليون أن حماس لا تزال تضع التسلح العسكري والأيديولوجية الإسلامية على رأس أولوياتها، وفي مثل هذا الواقع، توجد صعوبة كبيرة في ردع حماس على المدَيَين المتوسط ​​والبعيد، رغم تزايد الدعوات الإسرائيلية بضرورة أن ترد على البلالين الحارقة بقوة نيران أكبر، تماما كما هو الرد على إطلاق أي صاروخ من غزة، أو إرسال النشطاء قرب السياج، وربما يُنتقَل إلى استراتيجية أكثر هجومية، بالبدء في تنفيذ استراتيجية "المعركة بين الحروب" في غزة.

تكشف هذه السيناريوهات الإسرائيلية عما يمكن تسميته فشلا للتجربة الإسرائيلية مع حماس في السنوات الـ15 الماضية، على الرغم من أنها جربت خيارات مختلفة دون جدوى، ومنها محاولة ردع الحركة عبر سلسلة من العمليات العسكرية كجزء من استراتيجية "جز العشب"، بهدف إلحاق الأذى بها، لكن هذه المحاولات لم تحقق سوى أهداف قصيرة المدى، ولم تضعف حماس فحسب، بل اشتدت عسكريا حتى أصبحت "جيشًا نظامياً".

كما حاولت (إسرائيل) مرارًا احتواء حماس، والتهدئة معها، من خلال صفقة تبادل أسرى، واتفاقات "الاسترخاء"، والوصول لهدنة طويلة الأجل، وفي كل هذه المحاولات امتنعت حماس مرارًا وتكرارًا عن التقدم في تفاهمات طويلة المدى مع (إسرائيل)، والنتيجة أنها أصبحت قوة عسكرية مساوية تمنحها الدافعية على الدخول في سلسلة من جولات القتال أو العمليات العسكرية كل عقد من الزمن.

حين يضرب جيش الاحتلال أهداف حماس بقوة نسبية، فإنها تظهر قدرات إعادة تأهيل عسكرية عالية ومستمرة وسريعة، وهذا يعني أن المحاولات الفاشلة لردع الحركة قد تدفع (إسرائيل) إلى تغيير سياسة الردع الخاصة بها تجاه غزة، من خلال اختيار ظروف مواتية لها، ومبادرة هجومية وماكرة ومفاجئة، لكنها في الوقت ذاته قد تستجلب من المقاومة ردودا أكثر قوة تستهدف أهدافًا شديدة الحساسية للاحتلال.