بينما بدأت الحكومة الإسرائيلية مهامها، ما زالت تُتَّهم من العديد من أوساط اليمين بأنها تحمل العديد من الشعارات الاحتيالية والأكاذيب الرئيسة، وبموجبها تدخل دولة الاحتلال حقبة جديدة وخطرة وسابقة بسبب أدائها، ما دفع الكثيرين من معارضيها للعمل على تفكيك هذه الأكاذيب، وكشف أساليب الخداع الذي يميزها.
أولى هذه الأكاذيب التي يسعى اليمين لكشفها أن حكومة بينيت-لابيد تسمي نفسها "حكومة الوحدة"، والحقيقة أن الإسرائيليين أمام مخلوق هجين، وتحمل الكثير من العيوب التي لا تجعلها قادرة على البقاء، وهذا نوع جديد من الحكومة، لأنها تجمع بين عدة وجوه من القصور، ولن تكون قادرة على صياغة سياسة متفق عليها، وستعاني من كل آثار الابتزاز المحتملة كما بات الإسرائيليون يرون بالفعل.
أكثر من ذلك، فإن معارضي هذه الحكومة يصفونها بأنهم يواجهون حكومة كراهية وإقصاء ومقاطعة، تحرم بقية المكونات الإسرائيلية من اليهود الأرثوذكس المتطرفين من السفارديم والأشكناز، ولا تأخذ بعين الاعتبار الجمهور اليهودي التقليدي، وهذا بلا شك استعلاء قبيح واحتقار وإهانة لهم، لأنها تستبعد الجمهور العريض في (إسرائيل)، وهم المتدينون، وهو الأمر الأكثر بشاعة، وهذه كلها أوصاف إسرائيلية بحتة لهذه الحكومة.
على الصعيد الداخلي للحكومة المنسوبة إلى قطبيها نفتالي بينيت ويائير لابيد، فإن رئيس الوزراء الجديد، الذي لا يريده اليمين، واليسار مستعد لقبوله، ولكن ليس دعمه، بات يظهر مثل دمية يقف على خيط، يتحكم به شركاؤه، ما يجعله يفتقر إلى الشرعية العامة خارج الحكومة، ويجعل حزبه أقلية صغيرة بداخلها.
لا يتردد كثير من الإسرائيليين بالنظر إلى بينيت أنه رئيس حكومة خالٍ من المحتوى، ومستعد لفعل أي شيء من أجل هذا اللقب، وعلى الرغم من أنه سياسي كاريزمي، وتجاوز نسبة الحسم، فإن لديه استعدادا غير متناهٍ للكذب، وخداع ناخبيه بجبهة حازمة، وأصبح رئيسا للوزراء فقط حين باع كل قيمه وناخبيه لليسار.
وبينما تزعم الحكومة الحالية بأنها "حكومة مصالحة"، فإنها تعاني مشكلة مزمنة، وهي أنها حكومة كراهية، وبات بينيت أكبر كاره عرفته السياسة الإسرائيلية، هذه الكراهية التي جعلته ملكًا، في البداية، وجه كراهية نتنياهو من اليسار إلى اليمين، وخلق خلافات وانقسامات في صفوف اليسار، واقترح على اليسار صفقة مفادها "أعلم أنك تكرهني، لكنك تحتقر نتنياهو".
أما على الصعيد الخارجي فيعتقد معارضو الحكومة أنها تفضل أن تكون إدارة بايدن "سيدها"، في الملفين الفلسطيني والإيراني، ما يبعد عنها صفة أن تكون حكومة صهيونية، ويجعلها تعاني إفلاسًا أيديولوجيًا وأخلاقيًا وسياسيًا وإفلاسًا للهوية، هذه حكومة استثنائية حقًا من نواحٍ مختلفة، فهي أول حكومة ما بعد الصهيونية، وتعتمد على أصوات أعضاء الكنيست العرب، ولا ناخبين لرئيس وزرائها، وهذه كلها تهم تروجها المعارضة الإسرائيلية تمهيدا لإسقاط الحكومة!