فلسطين أون لاين

غزة.. الجرح الإسرائيلي النازف دون حل

تنشغل المستويات العسكرية والأمنية الإسرائيلية بتقديم الخطط المتوقعة لمستقبل التعامل مع غزة، لكن الحقيقة المرة، بنظرهم، أن الوضع الراهن هو أسوأ البدائل، ما قد يتطلب منها العمل على استعادة ردعها الذي يؤثر بشكل كبير في وضعها في الشرق الأوسط، من خلال عدم الاستجابة لمطالب المقاومة.

تستعيد هذه المستويات البدايات الأولى للعدوان الأخير، مسبباته ودوافعه، وخلاصتها أن حماس جعلت من نفسها "المدافع عن القدس" انطلاقا من غزة، وفي النهاية اندلعت الحرب، ونتيجتها أن (إسرائيل) واجهت ثلاث مناطق احتكاك: في القدس حيث الاشتباكات المحلية بين الجانبين أكثر من ذي قبل، وفي غزة حيث أطلقت المقاومة 4400 قذيفة صاروخية، وفي المدن العربية المحتلة، التي شهدت اشتباكات ميدانية غير مسبوقة منذ عقود طويلة.

اليوم بعد أكثر من شهر على انتهاء حرب غزة، ما زالت نتائجها لدى الاحتلال غير واضحة، فحماس قامت بعملية على المستويين الإستراتيجي السياسي، للارتقاء بمكانتها: فلسطينيا وعربيا ودوليا، باستغلال الحساسية الدينية في القدس، وتحوّلها عبر إطلاق الصواريخ على (إسرائيل) إلى "درع القدس"، ما جعلها معركة من أجل الوعي في ساحة القتال، في حين نفذت (إسرائيل) عملية غرضها إضعاف بنية حماس العسكرية.

الخلاصة أيضاً أن الفلسطينيين والجماهير في العالمين العربي والإسلامي نظروا إلى حماس أنها تضحي بالكثير من أجل الدفاع عن القدس، واعتبروا أن (إسرائيل) فشلت لأنها لم تحقق أي إنجاز، وسار قادة حماس بحرية في شوارع غزة، وهي التي أطلقت الصواريخ باتجاه (إسرائيل) حتى اللحظة الأخيرة من الحرب.

صحيح أن (إسرائيل) زعمت أنها ألحقت أضرارًا بالبنية التحتية للمقاومة، لكنها في الوقت ذاته ترى نفسها مطالبة باستعادة قوتها الردعية التي تضررت كثيرا في الحرب، لأن ذلك يؤثر بشكل كبير في موقعها في الفضاء الإقليمي، عقب فقدانها بعض مكانتها بعد الحرب، ما قد يفتح "شهية" حماس لرفع سقف مطالبها.

لعل النتيجة الأساسية لمفاوضات ما بعد الحرب، حتى يومنا هذا، أنها لن تمنع حماس من بناء قوتها لاستنزاف (إسرائيل) في المستقبل، لكن الفائدة الوحيدة من هذه الترتيبات زيادة الفجوة الزمنية حتى الحرب التالية، التي ستبدأ عندما تشعر حماس بالقوة الكافية للتعامل مع (إسرائيل)، أو تحتاج لإثبات أهميتها، على الرغم من أن الهدوء في غزة يسمح لـ(إسرائيل) بالتركيز على الاستعداد للتحدي الحقيقي لمواجهة إيران وحزب الله.

الخلاصة أن غزة ستبقى جرحًا إسرائيلياً ينزف بشدة في مقتبل الأيام، وتشكل لها تحديا كبيرا، لأنه قد يؤدي لجولة طويلة من إطلاق النار، ما يخلق أمام (إسرائيل) صعوبات تتعلق بالشرعية الدولية، وفشلها في تسويق روايتها عن الحرب.

المصدر / فلسطين أون لاين