كان واضحًا منذ أن أدت الحكومة الإسرائيلية قسمها في الكنيست أنها ستواجه معارضة شرسة فتاكة، بكل ما للكلمة من معنى، ولا سيما أن من يقف على رأسها هو بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة السابق، الذي توعد خصومه الجدد بحقبة ضارية من القوانين والمشاريع التي تعجل كلها في تقصير عمر حكومتهم.
جاءت بواكير هذا السلوك المعارض من نتنياهو بمعارضته لتعديل قانون لم شمل الأسرة الذي قدمته وزيرة الداخلية آييليت شاكيد، وهي من حزب "يمينا" وأعضائها في الائتلاف الحكومي الجديد، وهو أول قرار اتخذه نتنياهو كزعيم للمعارضة، صحيح أن معارضة الليكود والفصائل المتشددة والدينية لن تطيح بالحكومة، لكنها ستضع التحالف في حرج كبير، لأن حكومة بينيت-لبيد ليس لديها أغلبية دون الليكود لتمرير تعديل القانون.
مع العلم أن حزب الليكود وشركاءه المتدينين دأبوا على التصويت مع هذا القانون كل هذه السنوات، وعرّفه وزير الحرب بيني غانتس، قائد حزب أزرق-أبيض، بأنه ضروري للحفاظ على أمن دولة الاحتلال وطابعها اليهودي.
يبدو واضحًا أن واقع الائتلاف الحكومي الهش سيجبر حكومة بينيت-لبيد على المخاطرة بخسارة التصويت، وقد أوجدوا حلًّا وسطًا لصياغة القانون مع المعارضين، خاصة القائمة العربية الموحدة وميرتس، أو تأجيل التصويت لبضعة أسابيع لمحاولة الحصول على الأغلبية على أي حال.
تجدر الإشارة إلى أن هذا القانون هو عينة فقط مما تشهده أروقة الائتلاف والمعارضة، تطبيقًا لما أسفرت عنه جلسة أعضاء من حزب الليكود لساعات طويلة قبل أيام، إذ ظهرت كلمات "حرب واستنزاف" في كل فرصة، وكشف هذا القانون عن طبيعة معارك الاستنزاف وتوازن الرعب بين الأطراف.
في الوقت ذاته، وافقت الحكومة الإسرائيلية بالإجماع على تشكيل لجنة تحقيق في كارثة جبل ميرون، إذ قتل العشرات من المتدينين اليهود، مع أن الحكومة السابقة تجنبت مثل هذا القرار، وهذا تهديد واضح لعدد من قادة المعارضة الذين خدموا وزراء في أثناء الكارثة: آرييه درعي زعيم حركة شاس وزير الداخلية، وأمير أوحانا وزير الأمن الداخلي، ويولي إدلشتاين وزير الصحة، وميري ريغيف وزيرة النقل، وهم أقطاب حزب الليكود.
كما تم تقديم مشروع قرار لإنشاء لجنة تحقيق حكومية في قضية شراء الغواصات، وهذه اللجنة في حال تشكيلها، ستصل بالطبع إلى نتنياهو، ويوجد لدى الائتلاف قوانين تتعلق بالحد من قدرة الأخير على إعادة انتخابه، أما نتنياهو فيخطط لإعادة انتخابه زعيمًا لحزب الليكود في الانتخابات التمهيدية التي يحتمل إجراؤها في ديسمبر المقبل، بعد عامين من الانتخابات التمهيدية السابقة، وسينافسه يولي أدلشتاين وآفي ديختر.