بعد لحظات من خسارة بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الأطول في تاريخ دولة الاحتلال، لخص مستشاروه المقربون ممن رافقوه على مر السنين وحللوا صعوده وهبوطه، وبينما قدم في خطابه الأخير حصادا لحقبته السياسية، فقد عد آخرون أن رحيله يعني نهاية الكابوس، لأنه فشل في اختبار القيادة، وبدلاً من توحيد الإسرائيليين تسبب بانقسامهم وتشاجرهم.
يتوافق العديد ممن عمل بجانب نتنياهو أنه وقع ضحية سمات شخصيته التي أفسدت عليه كل شيء، فقد أراد الحصول على الكثير، واعتقد حقًا أنه الوحيد القادر على قيادة (إسرائيل)، دون سواه، ولذلك أخلف وعده مع غانتس بالتناوب على رئاسة الحكومة، لأنه شخص تنافسي للغاية، ويكره الخسارة.
وعلى الرغم من أنه قبل 22 عامًا، في مايو 1999، عندما فقد السلطة أمام إيهود باراك، اعترف بهزيمته، وأعلن أنه أخذ استراحة من الحياة السياسية، لكن الوضع اختلف هذه المرة في 2021 عقب خسارته الحالية، ورغم أنه بعد عشر سنوات من تلك الخسارة، وفي انتخابات 2009، عاد نتنياهو إلى مكتبه، لكنه الآن فقط، بعد 4458 يومًا في منصبه الرفيع، أخلى مقعده، لإفساح المجال للآخرين، الذين تكفلوا برواية قصة صعوده وسقوطه.
يظهر تحليل الأنماط السلوكية لنتنياهو، أنه يرى نفسه يتمتع برؤية أكثر صحة من الآخرين، ومن يختلفون معه لا يفهمون ما يفهمه، ومن لا يفكر مثله مخطئ، نجاحه الشخصي أهم بالنسبة له من الأيديولوجية، وفي سلوكه تجاه موظفيه يبرز التركيز على نفسه، والعلاقة القائمة على الاستغلال، ولذلك رأينا العديد من الإسرائيليين يكررون الحاجة لاستبداله، لأنه قلل كثيرا من مستشاريه، وزاد من مساعديه، والفرق بينهم كبير.
تسببت سياسة نتنياهو بتزايد الخصوم مع مرور الوقت، رغم أنه كان مجنوناً حد الهوس بالإعلام، والإطراء، والخضوع المطلق من العاملين تحت إمرته، وبلغت به الثقة حد الغرور إلى مستوى يعد أي شخص يفكر خلافه بأنه خائن، وإذا لم يتفق معه، فهو يشكل خطرا عليه.
دفعت هذه السمات الشخصية لنتنياهو بالعديد من المحيطين به إلى مفارقته، لأنهم رأوا أن أي نقد بالنسبة له غير مناسب، حينها أدركوا أنه يعاني من بيئة سيئة، رغم أن لديه الكثير من المنافسين ممن كانوا في الدائرة المباشرة: أفيغدور ليبرمان، غدعون ساعر، نير هيفتس، عوزي أراد، وقد أرادوا التقدم في حياتهم المهنية، وألا يكونوا في أماكن متأخرة إلى الأبد، بسببه هو فقط.