تواجه في معظم القضايا الأمنية الداخلية، لا تكاد توجد فجوات كبيرة بين اليمين واليسار من مكونات الحكومة الإسرائيلية الجديدة، باستثناء القضية الفلسطينية، لكن القضايا الأثقل والأكثر أهمية حولها توافق داخلي.
من هذه القضايا المتوافق عليها داخل أروقة الحكومة الجديدة، تسلل إيران إلى العتبة النووية، ووجودها في سوريا والعراق، ومشروع حزب الله للصواريخ الدقيقة، والوضع السوري، والتهديد العسكري لحماس في غزة، وعلاقات (إسرائيل) مع الولايات المتحدة والصين وروسيا، واتفاقيات التطبيع، ومكانة (إسرائيل) السياسية في العالم، جميع هذه القضايا ليس حولها فروقات أيديولوجية بين اليمين واليسار.
هذه المسائل السياسية، إضافة لأخرى، يرى الإسرائيليون أنها تتطلب سياسة حديثة وتغييرًا في إدارة الحكومة الجديدة، وإجراء مزيد من المناقشات الضرورية في ضوء التحديات المهمة والفورية التي تواجه (إسرائيل)، بجانب التغيرات الجيوسياسية في العالم والشرق الأوسط، وحقيقة أن القيادة السياسية الإسرائيلية خلال العامين الماضيين ركزت على البقاء السياسي، وخاضت أربعة انتخابات، وواجهت وباء كورونا.
تسعى الحكومة الإسرائيلية، كما هو متوقع، للتركيز على القضايا المهمة للغاية، بل والعاجلة، وهي ذات طابع إستراتيجي، وربما تكون على جدول أعمال مجلس الوزراء السياسي والأمني في أول اجتماعات، وأولها إيران والمشروع النووي، لأنها اليوم أقرب إلى قنبلة نووية من 2018، وترى (إسرائيل) نفسها مدعوة لصياغة سياسة حديثة في مواجهة ذلك.
لا يغيب التهديد الذي يشكله حزب الله عن أجندة الحكومة الجديدة، فرغم 15 عاما من الصمت، فإنها لا تضمن المستقبل، فلكل ردع تاريخ انتهاء، وقد بنى الحزب قوة كبيرة من الصواريخ الدقيقة، بجانب قوة برية كبيرة، تشكل تحديًا كبيرًا لجيش الاحتلال الإسرائيلي، والجبهة الداخلية، ومجلس الوزراء، المطالب بتعلم دروس حرب لبنان الثانية، ومناقشة البدائل الإستراتيجية والنظامية قبل الحرب، قبل اندلاع حرب الشمال الأولى أو حرب لبنان الثالثة.
هناك مسألة تتعلق بالاستمرار في خوض "المعركة بين الحروب"، لا سيما على صعيد وقف تمركز إيران في سوريا ولبنان وغرب العراق، وإعادة تقييم مخاطرها، وهذه القضية ترتبط بما يجب فعله إزاء الوضع في غزة، فقد انتهت الحرب الأخيرة دون قرار، وبات من الواضح أن الردع لم يتحقق، ولم يتم الاتفاق على المعايير الخاصة بوقف إطلاق النار، وحل قضية الأسرى والمفقودين، وإعادة إعمار غزة.
حرب غزة الأخيرة، حتى بنظر قطاعات واسعة من الإسرائيليين، أثبتت أن حماس ليست مردوعة تمامًا، ولا ضعيفة عسكريًا، بل تزداد قوة جولة تلو الأخرى، ما يجعلها مطالبة بالاستعداد لاستئناف إطلاق النار.
خاتمة هذه القضايا مرتبطة بالصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، حيث الخلافات الشديدة داخل الحكومة، بين الإبقاء على الوضع الراهن أو تحريك عملية التسوية، مع توقع وصول ضغوط خارجية أمريكية وأوروبية لاستئنافها.