فلسطين أون لاين

تقدير موقف

قناعة إسرائيلية بتراجع السيطرة على القدس

لا يتردد الإسرائيليون في الاعتراف بأنه لا مفر من قول الحقيقة، أن حماس التي تسعى لتدمير (إسرائيل)، تدير ما يحدث في القدس من قطاع غزة، لأن منع أعضاء الكنيست من التنقل بحرية في المدينة المقدسة هو نقطة منخفضة للسيطرة الإسرائيلية، في حين أن حماس تفي بوعودها، وتتسبب بانهيار هذه السيطرة.

كما أن هذه القناعة الإسرائيلية تعود في بعض جزئياتها إلى أن هذا الواقع نتيجة حتمية لتطبيق خطة فك الارتباط، والانسحاب من غزة، التي زعم مروجوها أنها ستحسن الوضع الاستراتيجي لـ (إسرائيل)، لكن تبين مع مرور الوقت أن دولة أخرى أُنشئت في العالم تسمى "حماستان"، وفق التسمية الإسرائيلية.

تتداول المحافل البحثية الإسرائيلية فرضية مفادها أن الذراع العسكرية لحماس حققت هدفا استراتيجيا دراماتيكيا بـ"السيطرة" على القدس، هكذا بالضبط هو التوصيف الحقيقي الذي حصل، لأنه بات من غير الممكن ألا تعقد في هذه المدينة ذات الحساسية الأمنية فعاليات يهودية بسبب الخوف من رد فعل حماس، وبات من غير المفهوم وغير المعقول أن تمنح (إسرائيل) حماس السيطرة على المدينة، مضطرة لا مختارة، مجبرة لا طواعية!

وبسبب الخوف من تهديد حماس -تعتقد تلك الأوساط الإسرائيلية- وصل الأمر بأن تمنع الشرطة أعضاء الكنيست من اقتحام القدس، لأنه يشكل وصفة سحرية للاستفزاز، ويشعل المنطقة، مما يطرح السؤال حول أن ما تشهده المدينة يعني أن الحكومة الإسرائيلية فقدت "سيطرتها"، بعد تأكيدها أن مسيرة الأعلام للمستوطنين تشكل خطرا على الأمن.

الأكثر خطرًا من وجهة النظر الإسرائيلية، أن تهديدات حماس باتت تمليها بوضوح، والقرارات التي اتخذتها (إسرائيل) عقب توصية الأجهزة الأمنية تعد فاضحة في عيون الإسرائيليين، وتشكل انتهاكاً خطيرًا للأمن القومي لـ (إسرائيل)، وتعبر عن حقيقة مؤسفة بأنه لم يُتوصَّل إلى ردع استراتيجي ضد حماس في نهاية حرب غزة الأخيرة، هذا هو الواقع، وهذه الحقيقة التي تعيدهم إلى السؤال الأساسي: "لماذا لم يتصرف الجيش بشكل حاسم لتدمير القوة العسكرية لحماس، أم أنه استخدم قوة عسكرية فتاكة، لكنه فشل"؟!

هذا الوضع الناشئ في القدس في حين نصف سكان (إسرائيل) يتعرضون للقصف، وإطلاق صواريخ، وبوابة الدخول إلى (إسرائيل) مطار بن غوريون تحت النار، والحكومة الإسرائيلية فقدت سيادتها، لأن ما تقوم به أمام حماس هو استسلام فقط، ليس أكثر.

الخلاصة التي يتداولها الإسرائيليون، بمن فيهم كبار جنرالات الأمن وضباط الأمن ودوائر صنع القرار، أن الانحناء الإسرائيلي المتكرر أمام حماس مرارًا وتكرارًا قاد (إسرائيل) إلى قاعدة مقلقة، وأفقدها سيادتها التي أعلنتها على المدينة المقدسة منذ عقود طويلة، وهذا الواقع بات لا يطاق، من وجهة نظر الإسرائيليين.