فلسطين أون لاين

تقدير موقف

سلسلة من التهديدات الإسرائيلية لم تتحقق

جرت العادة أنه بعد كل عدوان إسرائيلي على أي من الجبهات الفلسطينية أو العربية المحيطة أن يخرج رئيس الوزراء وكبار المسؤولين الأمنيين فخورين بنجاحهم، لكن الواقع أثبت في كثير من الأحيان -وآخرها حرب غزة 2021- أن قوى المقاومة تمكنت من التعافي، وإطلاق النار، رغم أنهم دأبوا على تكرار عبارات: "حماس تلقت ضربة قاسية"، و"أعدنا الردع الإسرائيلي"، و"ستستغرق حماس سنوات للتعافي".

مع العلم أن هذه تصريحات كررت نفسها بعد عدوان جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، ففي كانون الآخر (يناير) 2009 أعلن رئيس الوزراء آنذاك إيهود أولمرت وقف إطلاق النار في "حرب الفرقان"، وقال: "إن أهداف العملية تحققت كاملة، وإن حماس تلقت ضربة قاسية، في تشكيلاتها العسكرية والبنية التحتية لحكمها، ولا أقترح عليها أن تجربنا من جديد".

وبعد أسابيع قليلة من انتهاء الحرب تحدث بنيامين نتنياهو رئيس المعارضة آنذاك، بعد أن ضرب صاروخ عسقلان، أنهم بحاجة إلى عمل يزيل هذا التهديد بالإطاحة بنظام حماس في غزة، وهاجم حكومة كاديما ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني التي أنهت العملية دون إسقاط حماس، زاعمًا أنه حذر من نشوء دولة "حماستان"، ومن انطلاق صواريخ من غزة إلى عسقلان.

حتى إن نتنياهو ذاته لم يستطع منع حماس من أن تسلح نفسها بمزيد من الصواريخ، لكنه دأب على التهديد بالقول: "إننا سنعيد الأمن لسكان عسقلان وأسدود وسديروت وبئر السبع"، مع أنه لم يكن وعده الأول بإسقاط حماس، فقبل انتخابات 2006 أصدر ليكود شعار: "قوي ضد حماس -بنيامين نتنياهو"، واختير هذا الشعار بعد أن وجد ليكود أن معظم الإسرائيليين قلقون من فوز حماس في الانتخابات الفلسطينية.

في 2012 ألقى نتنياهو خطابًا في نهاية معركة حجارة السجيل، قال فيه: "إنني أعلنت أننا سنرد بقوة على هجمات حماس في الوقت الذي اخترته"، وأضاف: "إن الجيش أصاب في العملية قادة بارزين في الحركة، ودمر آلاف الصواريخ الموجهة نحو الجنوب، واستهدفت المركز، ودمرنا منشآت سيطرة حماس"، وقال وزير الحرب إيهود باراك: "إن أهداف العملية تحققت كاملة".

حتى إن أكبر عدوان عسكري على قطاع غزة كان في صيف 2014 (معركة العصف المأكول)، بعد هدوء نسبي استمر أقل من عامين، وفي نهاية العملية قال نتنياهو: "إن حماس لم تنجح، لأنها تلقت هزيمة مبرحة، بإلحاق ضرر جسيم بها، وإن الإنجازات المتراكمة ضد حماس، والقدرة على تحييد نشاطها حتى بثمن مؤلم، دفعتنا لضربها بشدة".

اليوم بعد العدوان الأخير على غزة 2021 تكررت السيمفونية الإسرائيلية المشروخة ذاتها، لكن الآمال الإسرائيلية في نجاح تهديداتهم لا ترقى إلى الحد المطلوب، لأنها تفتقر إلى أقدام تسير عليها، وما هي سوى أمنيات ورغبات داخلية أكثر منها أهدافًا قابلة للتحقق.