على مدار أيام العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي استمر 11 يومًا مخلفًا مئات الشهداء والجرحى ودمارًا كبيرًا، غاب دور سفارات السلطة الفلسطينية حول العالم في نصرة القطاع، وفضح جرائم الاحتلال.
ولم يبرز أي دور واضح لسفارات السلطة بشأن قضية التهجير القسري للمواطنين في مدينة القدس المحتلة، ومواصلة الاستيطان بالضفة الغربية المحتلة، رغم أنها انتهاكات مخالفة للقانون الدولي.
ولم تعقد السفارات أي مؤتمر صحفي في الدول الموجودة فيها، خاصة الأوروبية، حول انتهاكات الاحتلال في حي الشيخ جراح، أو ما حدث في قطاع غزة من ارتكاب جرائم حرب تسببت باستشهاد 254 مواطنًا، منهم 66 طفلًا و39 سيدة و17 مسنًا.
ويقتصر دول السفارات التي يبلغ عددها (108) بين بعثات ودبلوماسيات ومكاتب، وتصل ميزانياتها إلى ملايين الدولارات سنويًّا على خدمة السلطة والإجراءات الإدارية، وتحول عمل غالبية موظفيها من نصرة القضية الفلسطينية بالخارج إلى عاملين في التجارة واستغلال المناصب الدبلوماسية لتمرير مصالحهم، إضافة إلى تجاوز قانون السلك الدبلوماسي في تعيين السفراء، وفق مراقبين لصحيفة "فلسطين".
الدبلوماسي ومساعد وزير الخارجية الأسبق، محمود العجرمي، أكد أن غياب دور السفارات في نصرة القضية الفلسطينية يعود إلى غياب الدور الرسمي للحكومة والرئاسة، خاصة أنهما المرجعية السياسية التي من خلالها يتم التصرف من السفراء والدبلوماسيين.
وقال العجرمي لـ"فلسطين" إن اتفاق أوسلو لا يزال معتمدًا لدى السلطة التي تتعاطى من دولة الاحتلال على أنها جارة، وهذا باعتراف رسمي منها، وهي مسؤولية في الوقت ذاته عن تلك السفارات، وكذلك منظمة التحرير.
ونبَّه إلى أن وزارة الخارجية في رام الله لا تعتمد المعايير الدولية والخبرة والكفاءة في اختيار السفراء أو أعضاء السلك الدبلوماسي، بل عبر الأهواء والمصالح.
وأضاف أن أعضاء السلك الدبلوماسي يعملون في التجارة، ويستثمرون الحصانات والامتيازات التي تتوفر لهم، ويستخدمونها لمصالحهم، إضافة إلى أن عددًا كبيرًا من السفراء لهم علاقات مع سفارات دولة الاحتلال وطواقمها.
وأشار إلى دور السفارات غائب تمامًا عن نصرة القضية الفلسطينية وإبراز انتهاكات الاحتلال، معتبرا أنه لا يمكن تحركها لنصرة القضية إلا بتغيير السياسة الخارجية للسلطة.
الكاتب والمحلل السياسي مأمون عامر، قال: إن السفارات المفترض منها أن تكون خلايا نحل لنصرة القضية الفلسطينية، إلا أن الكارثة أن بعض السفراء لا يجيدون لغة الدول التي يتواجدون فيها، كما حدث مع سفير السلطة في إسبانيا.
ولفت عامر لـ"فلسطين" إلى وجود 90 سفارة للسلطة في العالم تنفق عليها أموالًا هائلة وعلاوات خاصة، إلا أنها لم تعمل خلال العدوان على قطاع غزة رغم وجود قبول عالمي لسماع روايتنا، لذلك لا يوجد فائدة لتلك السفارات والسفراء.
وأوضح أن فشل السفراء والسفارات يعود إلى فشل النظام السياسي الفلسطيني، وغياب المجلس التشريعي عن مساءلة وزارة الخارجية عن التقصير الواضح لدور السفارات.
ويشير إلى أن هناك سفراء غير قادرين على شرح القضية الفلسطينية، في ظل حاجة الشعب الفلسطيني الماسة للسفراء في الدفاع عن القضية، والتحدث للشخصيات الاجتماعية والمؤثرين في الدول المتواجدين فيها.
ونبَّه إلى أن وزير الخارجية رياض المالكي متواجد في الوزارة منذ عام 2009، ولم يتغير، إضافة إلى غياب المعايير الواضحة لاختيار السفراء والموظفين في السلك الدبلوماسي من وزارته.