فلسطين أون لاين

أبعاد

تقييم بالأهداف (١١)

كانت لمعركة سيف القدس تداعيات عديدة ومتنوعة، وقد قاربنا بعضها في مقالات سابقة ولأن نقارب أثرًا مهمًّا من هذه التداعيات الكبيرة، إذ قالت بعض المصادر العبرية التي انتقدت نتنياهو في هذه الحرب، بقولها له بشكل مباشر: "أنت دمرت كل ما بنته حكومات (إسرائيل) منذ النشأة وحتى الآن خلال أحد عشر يومًا من قتال فاشل".

قادة الدولة وحكوماتها منذ ابن غوريون ومرورًا برابين وبيريس وشارون كانوا يراكمون العمل الإيجابي مع الدول العربية والإسلامية لتحقيق مصالح (إسرائيل) وراكموا عملًا جيدًا مع الفلسطينيين والسلطة عبر أوسلو وما تبع أوسلو من اتفاقيات وتوافقات، هذا الجبل الكبير من الأعمال المتراكمة لصالح الدولة انهار دفعة واحدة بغباء نتنياهو في إدارة معركة (حارس الأسوار) كما يسمونها بالعبرية.

الموجات الارتدادية لزلزال ضرب تل أبيب وغيرها من المواقع بدأت تأثيراتها تظهر في العواصم العربية التي طبعت علاقاتها مع (إسرائيل). حالة السخرية والاستهزاء من هذا التطبيع ضربت المنامة في البحرين، وأبو ظبي في الإمارات، والرباط في المغرب، والخرطوم في السودان، وكذا في عمان والقاهرة، وباتت هذه العواصم في حرج شديد وهي تسجل فشلًا عربيًّا في الدفاع عن المسجد الأقصى، في حين تقوم بهذا الواجب غزة المحاصرة.

لم تعد هذه العواصم على ثقة بتحقيق مردود إيجابي من التطبيع، ولم تعد تنظر لقوة (إسرائيل) كعامل مساعد لها في نزعات محتملة مع الغير، ولم تعد تل أبيب هي مفتاح البيت الأبيض الوحيد، بعد أن خضع البيت الأبيض لمطالب دول العالم بوقف القتال في غزة.

إن صورة دولة (إسرائيل) وهي تدمر الأبراج السكنية متعددة الطوابق لم تعد صورة الدولة التي تحظى باحترام دول العالم، ولم تعد هي الدولة الديمقراطية ذات القانون، وجل المفكرين في العالم صبغوها بالعنصرية والتمييز، وبالدولة المحتلة التي لا يمكن ائتمانها على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.

ما راكمته حكومات ما قبل نتنياهو من أعمال وعلاقات مع الدول العربية والإسلامية تفجر وتشظى على يد نتنياهو وعادت دولة (إسرائيل) إلى نقطة الصفر، إلى مرحلة النشأة التي كانت قبل ١٩٦٧ وبعيد ١٩٤٨، وأي أعمال ترميمية تقوم بها حكومات ما بعد نتنياهو لن تتمكن من استعادة ما حققته الدولة.

هذا، وقيام الدولة الفلسطينية بات أمرًا لا مناص منه، وبقاء الاحتلال في الضفة لم يعد ممكنًا، واستبقاء المستوطنات تحت سيطرة دولة (إسرائيل) لم يعد ممكنًا بعد قصف تل أبيب، بل إن سكان هذه المستوطنات دخلوا في مراجعة ذاتية لجدوى بقائهم في مستوطنات الضفة، في حين مركز دولتهم تحت نيران القصف من غزة البقعة الأصغر والأضعف في العالم.