فلسطين أون لاين

قراءة استشرافية إسرائيلية لمآلات العدوان على غزة

مع دخول اليوم التاسع من العدوان الإسرائيلي على غزة، ما زالت دولة الاحتلال مأخوذة بالمفاجأة التي بدأت فور اندلاع المواجهة، حيث انجرت لمواجهة لم تكن في حسبانها، لأن الخطأ تمثل في التقدير الإسرائيلي أن حماس لم ترغب بالتصعيد بشكل كبير، بما في ذلك إطلاق الصواريخ على (إسرائيل)، في حين أن الإنجاز الواعي للحركة ليس له حدود، فهي تتحدث بلغة جديدة، بما فيها الإنذارات الموجهة لـ(إسرائيل)، والوفاء بها، من خلال إطلاق الصواريخ على (إسرائيل) بساعات محددة.

الواضح الآن أن (إسرائيل) انجرت لمواجهة حادة، لكنها ترى أنه لا يمكن أن توقفها قبل أن تخرج بصورة انتصار متوهمة من المقاومة، في حين أن حماس حصلت على فرصة غير عادية بربط الأقصى بالمقاومة في غزة، والدفاع عن القدس، وإيجاد قضية مشتركة يمكن حتى لفلسطينيي 48 أن يتعاطفوا معها، للاستفادة من ملف القدس.

الأزمة بدأت في منتصف شهر رمضان حين تم تداول صور عمليات ترحيل واشتباكات في حي الشيخ جراح، أعقبتها احتجاجات في الحرم القدسي، وقنابل صوتية داخل المسجد الأقصى، في حين شارك عدد من أعضاء الكنيست من معسكر اليمين بعمليات الاقتحام، رغم أن الرد الإسرائيلي على ما يحصل في الحرم القدسي سيكون له حسابات جيو-استراتيجية طويلة المدى.

لم يعد سرا أن الاحتلال ليس لديه رافعة ردع أمام قطاع غزة، ما دفع المقاومة لشن هذا الهجوم في يوم القدس، بسبب سياسات بنيامين نتنياهو التي تركت آثارها السلبية على تآكل قوة الردع، بحيث دفنت (إسرائيل) رأسها في الرمال، وجسدت الإيماءات التي أعقبها هذا العدوان فشل مفهوم الأمن الإسرائيلي، من خلال تكثيف حماس لقدراتها العسكرية في غزة، تمهيدا لانفجار الوضع الميداني مع (إسرائيل).

تزداد القناعة الإسرائيلية أنه مع مرور أيام العدوان، ودخول الجيش حالة تأهب قصوى، فقد تمكنت حماس من وضع نفسها كدرع محصن، وتعبئة فلسطينيي 48، وحرق الوعي في القدس وتل أبيب، ورغم سلسلة الاغتيالات وصور الدمار من غزة، فإن حماس صاحبة اليد العليا، لأنها حققت سلسلة إنجازات يمكنها التباهي بها، من إطلاق الصواريخ نحو القدس، إلى مئات الصواريخ دفعة واحدة إلى غوش دان والشارون.

على الصعيد الاستراتيجي، حصلت حماس على ما طلبته، وأصبحت بنظر المقدسيين وباقي الفلسطينيين المدافع الإسلامي عن فلسطين، وحارسة القدس، ويضاف لإنجازات حماس بهذه الجولة تجنيد فلسطينيي 48، وخوضهم اشتباكات مع المستوطنين، وهذه ساحة أخرى لمواجهة الاحتلال.

 صحيح أن (إسرائيل) تريد ردع حماس على المدى الطويل، لكن أداءها العسكري الحالي محكوم عليه بالفشل مقدما، فقد أمضى الجيش وقتاً طويلاً بمهاجمة المباني الخالية، وثبت أنها سياسة ليست رادعة، والنتيجة أنه في هذه الجولة القتالية، لن تتمكن (إسرائيل) من القضاء على حماس.