بعد أن أصدر الرئيس محمود عباس مرسوم تأجيل الانتخابات الفلسطينية حتى إشعار آخر، بات الجدل السياسي بين الرأي العام الفلسطيني يدور حول السيناريوهات والرؤى المحتملة بعد قرار التأجيل، الذي لم يكن مقنعًا لأغلب القوائم المرشحة، والنخب السياسية والفكرية، وشريحة كبيرة من الرأي العام الفلسطيني، وتزداد هذه القناعة في ضوء ضعف الموقف السياسي للقيادة الفلسطينية في متابعة ما يجري بالقدس من هبة حقيقية وعدم السماح لأن تمتد إلى مدن الضفة الغربية، وهو ما حصل بالخليل عندما منعت أجهزة الأمن الفلسطينية الشبان من الوصول إلى أحد الحواجز واعتقلت أحدهم.
إن إصلاح النظام السياسي الفلسطيني بات ضرورة وخطوة في طريق إنهاء الانقسام وتوحيد الجهود لإنقاذ القدس والمقدسيين، والانتخابات هي الأداة الحقيقية التي تفرز قيادة جديدة قادرة على فعل ذلك، وقادرة على تحييد جماعات المصالح التي تشكل خطرًا على المشروع الوطني الفلسطيني التحرري، ولكن يا للأسف أجلت، ما يطرح تساؤلًا عن أهم الخيارات والسيناريوهات للتعاطي مع تأجيل الانتخابات.
أولًا: الخيارات المطروحة:
1. خيار القبول والإذعان للقرار الرئاسي.
2. خيار التحرك الشعبي وهو مرتبط بعاملين: الأول متعلق بهبة القدس وإلى أين تسير الأمور، حيث الأولوية لما يجري بالقدس ومطلوب تكاتف كل الجهود من أجل استنفار عناصر القوة الفلسطينية للوقوف إلى جانب القدس وشعبنا هناك، الثاني: متعلق بحجم اقتناع القوائم الحزبية بالدرجة الأولى بهذا السيناريو لكونها صاحبة القدرة على الحشد.
هناك خيارات أخرى ولكن نسبة ترجيح تطبيقها ما زالت ضعيفة.
ثانيًا: السيناريوهات المحتملة:
1. سيناريو رفع السقف السياسي في التعاطي مع الرئيس محمود عباس وحركة فتح، وهذا السيناريو قد يكون الأكثر ترجيحًا، ويتمثل في عدم قبول أي حوارات سياسية قبل إصلاح النظام السياسي الفلسطيني، وعلى رأسه منظمة التحرير الفلسطينية، إصلاحًا يضمن شراكة حقيقية بين المجموع الوطني تمنح المؤسسات السياسية القدرة على اتخاذ قرارات دون أن يكون لطرف بعينه تعطيلها.
2. سيناريو عودة الأمور لما قبل حوارات إسطنبول، وقبول الأمر الواقع، مع تراشق إعلامي ومناكفات سياسية منضبطة.
3. سيناريو استدراك الخطأ وإصدار مرسوم رئاسي جديد بإجراء الانتخابات الفلسطينية على أن تكون القدس في قلب العملية الانتخابية، ولكن ضمن خيارات وبدائل متوافق عليها وطنيًّا.
4. سيناريو ولادة جبهة إنقاذ غزة، وتشكيل حكومة جديدة في القطاع عبر تحالفات جديدة تضمن مشاركة قوى وشخصيات قوائم انتخابية تكون مقبولة دوليًّا، وتبدأ العمل على إنقاذ واقع غزة الاقتصادي والاجتماعي.
الخلاصة: نرفع القبعة لأهلنا في القدس ولنضالهم السلمي للحفاظ على هوية القدس، وعليه لا بد الآن من توحد الجميع خلف شعبنا بالقدس، وهذه الأولوية القصوى في هذا التوقيت، ولا بد من أن يمتد العمل الشعبي السلمي في كل الأراضي الفلسطينية وخارجها، من أجل تشكيل رأي عام ضاغط على الاحتلال، لوقف جرائمه في القدس، وعلى وجه الخصوص في الشيخ جراح، وإلى حين ذلك ينبغي أن يعود العمل والفعل للضغط على كل الأطراف، ومنها القيادة الفلسطينية لإصدار مرسوم جديد للانتخابات هدفًا رئيسًا ومدخلًا لإصلاح النظام السياسي الفلسطيني.