ينذر الواقع الأمني المحيط بإسرائيل باندلاع توترات متلاحقة على أكثر من جبهة، فعلى الحدود اللبنانية لا تخفي النباتات المزهرة مواقف حزب الله، والضفة الغربية وقطاع غزة تعيشان أجواء الحماسة الدينية خلال شهر رمضان، والخوف أنه حتى بعد الهجوم على مفترق زعترة، فإن الأسوأ لم يأتِ بعد، لأن يوم القدس قد يصب الزيت على النار، والجبهة الإيرانية هي الأخرى متفجرة.
لم يستطع الطقس الربيعي والنباتات الخضراء المزهرة إخفاء المواقع العديدة لحزب الله على بعد مئات الأمتار من الحدود، ورغم أن البؤر الاستيطانية الإسرائيلية كانت مرئية، وبدت أكثر تهديدًا، فإن الوضع ذكرني كثيرًا بالهدوء الزائف الذي ساد قطاع قناة السويس بعد وقف إطلاق النار في حرب الاستنزاف وقبل حرب 1973، ولذلك فإن قوات الحزب تتغير باستمرار من أجل تنفيذ العمليات المفاجئة، ونحن نتابع الحزب طوال الوقت، وعندما يغير تشكيلته نرد وفقًا لذلك.
يعلم الإسرائيليون أن الحزب سيحاول احتلال مستوطنة شمالية، فيما هم سيبذلون قصارى جهدهم لمنع ذلك، رغم أن انحرافًا صغيرًا لحفارة إسرائيلية قد يتسبب بحادث يُقتل فيه جنود إسرائيليون، كما حصل قبل عقد من الزمان قرب مستوطنة "مطولا"، وفي حال اشتعلت الشرارة، فلن يكون أحد قادرًا على إخمادها.
أما التوتر الشديد في الساحة الفلسطينية، خاصة في الضفة الغربية وقطاع غزة، فإن جذور هذا التوتر معروفة ومألوفة، وهي تتكرر مرارًا في كل انفجار، نتيجة للوضع المستمر بين الفلسطينيين والإسرائيليين، خاصة في ظل الأجواء الدينية السائدة خلال شهر رمضان، مع أن الواقع السياسي الذي يعيشه الفلسطينيون، يدفع العشرات، وربما المئات من غزة والضفة الغربية الذين يستعدون للهجوم، ينتظرون اللحظة المناسبة لتنفيذ هجوم فدائي جديد.
هذا يؤكد أن الفلسطينيين على مقربة من توترات أمنية وعسكرية متلاحقة، أهمها يوم القدس العبري الذي يستفز المسلمين، وستقام ليلة القدر الأسبوع المقبل التي يصلي فيها عشرات الآلاف المشبعين بالحماسة الدينية في الحرم القدسي، وبالاعتماد على الخبرة السابقة، فقد يهاجم المستوطنون اليهود، أو يرشقون الحجارة من أعلى في ساحة حائط البراق.
كل هذه التوترات يضاف إليها تأجيل الانتخابات الفلسطينية التي ألغيت في الواقع، فضلًا عن الأزمة السياسية الإسرائيلية، وتفشي وباء كورونا، وتتسبب هذه التوترات بالاشتعال بأي لحظة، سواء نتيجة خطأ عملياتي للجيش الإسرائيلي، أو بسبب الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة.
هذه التوترات تتزامن مع التدريبات العامة للجيش الإسرائيلي، التي تنخرط فيها جميع أسلحة الجيش البرية والبحرية والجوية، في مواجهة حربية كبرى في عدة ساحات، ولعدة أسابيع، ما تدفع الجيش الإسرائيلي أن يبدي استعداده بالكامل تقريبًا لحرب واسعة النطاق، إذا اندلعت في المستقبل القريب.