ماذا بعد؟ سؤال المرحلة الراهنة، ولكن الإجابات تختلف من شخص إلى آخر، إذ تتعدد الرؤى بين النخب السياسية والحزبية في شكل رد الفعل على قرار الرئيس محمود عباس، فهناك أربعة خيارات تتداول بقوة داخل المشهد السياسي، ولدى بعض النخبة السياسية الرافضة التأجيل، وهي:
1. الخيار الأول: ضرورة الحفاظ على الأجواء الطيبة التي نتجت بعد حوارات إسطنبول والقاهرة، وألا يكون تأجيل الانتخابات مدخلًا لأزمات وانقسامات جديدة.
2. الخيار الثاني: ضرورة النزول الشعبي للشارع، وتنظيم اعتصامات مفتوحة بالميادين رفضًا للتأجيل والهيمنة.
3. الخيار الثالث: رفض قرار التأجيل ولكن بأدوات سلمية ناعمة، عبر بيان، ومؤتمر صحفي بموجبه يصل صوتهم للداخل الفلسطيني والخارج بضرورة إجراء الانتخابات.
4. الخيار الرابع: العمل على نزع الشرعية الشعبية عن الرئيس محمود عباس عبر مؤتمر شعبي عام تشارك فيه القوائم الرافضة قرار التأجيل، ويتوافق على مجلس تأسيسي يمثل السلطة التشريعية مرحلة انتقالية، ويخرج من رحمه حكومة مؤقتة يقودها شخصيات مقبولة دوليًّا، وتعمل مع الأطراف المحلية والدولية على تحسين واقع الحياة في قطاع غزة، ودعم وتعزيز صمود المقدسين، والعمل في ساحة الضفة الغربية ما استطاعت إليه سبيلًا، وجلب التمويل وضمان الحصول على المقاصة الضريبية لقطاع غزة في المعابر، وممارسة ضغط داخلي وخارجي إلى حين استجابة الرئيس عباس للذهاب نحو الانتخابات في كل الأراضي الفلسطينية، ومنها شرقي القدس، حسب نص (المادة 115) من الباب الثالث عشر من قانون الانتخابات (رقم 1 لسنة 2007م) عن الانتخابات في القدس، التي تنص في فقرتها الأولى: "وفقًا لأحكام هذا القانون تعد اللجنة سجلات الناخبين الفلسطينيين في القدس، ولها اتخاذ أي إجراءات واتباع أي وسائل تراها مناسبة لضمان تمكين الناخبين في القدس من ممارسة حقهم في الاقتراع".
لكل وجهة نظر مما سبق مزايا وعيوب، ولكن الثابت هو ضرورة التحرك، ورفض قرار التأجيل، ويبقى السؤال المطروح: أي من الخيارات الأربعة الأكثر ترجيحًا؟
لا شك أن التجربة مع الرئيس محمود عباس طويلة، وأن حالة العناد بتنفيذ رؤيته وفرضها على المؤسسات السياسية باتت واضحة، فمن توصيات المجلس المركزي والوطني بوقف التنسيق الأمني، وصولًا إلى تأجيل الانتخابات، رغم أن أغلبية القوائم مع رفض التأجيل، ولكن كل القوائم مع ضرورة إجرائها بالقدس، ويبرز الخلاف هنا في آليات إجرائها، إذ إن الرئيس عباس يريد إجراء الانتخابات في القدس حسب الاتفاقيات الموقعة، أي في مكاتب البريد الإسرائيلية، وهذا التوجه أثار جدلًا كبيرًا في الساحة الفلسطينية، حيث توجد رؤى على النحو التالي:
1. هناك من يرى توجه الرئيس عباس تمسكًا بالثوابت الوطنية ونضالًا سلميًّا وقانونيًّا.
2. بعضٌ يرى إجراء الانتخابات في مكاتب البريد الإسرائيلية ليس مفخرة وطنية، ينبغي التمسك بها.
3. هناك من يرى (إسرائيل) لم تعد ملتزمة بأي اتفاقيات، ولم يعد المجتمع الدولي قادرًا على الضغط عليها، فلماذا نحن نصر على الالتزام بها؟!
أما الرأي الآخر الرافض قرار التأجيل فهو ينطلق من أحكام قانون الانتخابات رقم 1 لعام 2007م وقد ذكرت نص المادة في المقال، التي تمنح لجنة الانتخابات الحق في البحث عن الآليات الكفيلة بإجراء الانتخابات بالقدس، أيضًا المنطق السياسي يقول إنه من المستحيل موافقة الاحتلال على إجراء الانتخابات في القدس بعد قرار ترامب نقل السفارة والاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لكيان الاحتلال، وضمن التاريخ القريب حقق المقدسيون إنجازات في معاركهم النضالية السلمية في باب العامود والبوابات، وعليه كان من الممكن البحث في خيارات وبدائل لإجراء الانتخابات في القدس، مثل: إجراء الانتخابات في أزقة البلدة القديمة رغم أنف الاحتلال، فإن صادر الصناديق فسنحقق مكاسب سياسية وقانونية وإعلامية، وإن مرت الانتخابات بسلام نكون حققنا ما هو أفضل من إجرائها بمكاتب البريد الإسرائيلي.
والخيار الثاني التصويت الإلكتروني.
وفقًا لما سبق ورغم تحذير كثيرين من عواقب إلغاء الانتخابات وأثرها على أزمة الثقة بين الشعب ومؤسساته، إن الرئيس عباس ذهب إلى القرار، وعليه تحمل النتائج؛ فليس قدر شعبنا الارتهان لقيادة لا تحترم توجهاتها وتخشى إرادة شعبها.