مع مرور 48 ساعة على اندلاع الاشتباكات الفلسطينية تجاه الاحتلال ومستوطنيه في رحاب القدس، فإن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تبدي حذرا شديدا إزاء هذه المواجهات التي قد تترك آثارها على كل المنطقة، لأن الهدف الإسرائيلي يكمن في عدم اندلاع "الانتفاضة الموقوتة".
بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي ضد المقدسيين، فإن جيش الاحتلال يصعد قواته بالضفة الغربية وقطاع غزة، رغم أن التقدير يفيد بأن جميع الأطراف لا تريد تصعيدا حاليا، ومهتمة بالتهدئة مرة أخرى، رغم ما شهدته الليالي الماضية من إطلاق الصواريخ على المستوطنات، نتيجة الحماسة الدينية بعد الاشتباكات في القدس.
صحيح أن تقدير جيش الاحتلال يرى مصلحته بالتهدئة، على الأقل في ضوء جهود المصريين، لكن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تؤكد أن المشكلة ليست في غزة، بل في القدس التي تشهد الاضطرابات الأخيرة، مع أن أحداث القدس تترك أصداءها ليس فقط في غزة، ولكن أيضا في الدول العربية والإسلامية.
لا يتردد الإسرائيليون في الاعتقاد بأن كل حدث غير عادي في المدينة المقدسة، خاصة إن كانت أحداثه ذات طبيعة عنيفة كما في الأيام الأخيرة، تكتسب على الفور أهمية دينية، وتساهم في تفجير العاطفة الدينية التي تزداد قوتها بسبب شهر رمضان، ولذلك تشهد القدس أياما حساسة؛ ما يدفع قيادة جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية إلى بذل الجهد الرئيس لتهدئة العاصفة في القدس.
ولذلك شهدت الآونة الأخيرة تدفقًا لقوات من حرس الحدود المنتشرة في الأراضي الفلسطينية، رغم أن العوامل التي تجعل من الصعب على الاحتلال التعامل مع أحداث القدس، خاصة تجاه الشباب المقدسي، أنهم يعدّون أنفسهم أوصياء على المسجد الأقصى، وهذه الطريقة التي يُنظر إليهم بها في الشارعين الفلسطيني والعربي، وبمجرد اندلاع الاشتباكات في القدس، فإنها تنطلق على الفور إلى بيئة الشرق الأوسط المسلم بأكملها.
إن التقدير السائد في نظر مجتمع المخابرات الإسرائيلي يسعى للتعرف إلى السبب الرئيس لهذه الصدامات والاشتباكات في القدس، حيث لم يطرأ أي تغيير على الوضع الراهن في الحرم القدسي الشريف، ولم تُجرَ أي تغييرات شهدتها السنوات السابقة، لكن يمكن التقدير أن الاشتباكات نجمت عن ضجة افتعلها المتطرفون اليهود من منظمة "لاهافا".
رغم كل الجهود التي تبذلها مختلف الأطراف لتهدئة الموقف الميداني في القدس وغزة، لكن التخوف الإسرائيلي ما زال قائما من اشتعال الأوضاع الميدانية في الضفة الغربية، وكذلك إمكانية انتشار النار في قطاع غزة كالهشيم.
إن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تسعى لتبريد التوترات الميدانية في القدس، وتجنب الاشتباكات، مرورا بتهدئة الأوضاع الميدانية في الضفة الغربية وقطاع غزة، لكن هذا قد يؤدي إلى اشتعال الموقف، صحيح أنه يمكن احتواء الأحداث في القدس وتهدئة المنطقة، لكن الشرطة والمخابرات والجيش يستعدون للأسوأ.