أكد حقوقيون وقانونيون متخصصون أن الاحتلال يرفض الاعتراف بالاتفاقيات الدولية التي تتعلق بحقوق الأسرى، ويطبق بدلاً منها أوامر و تشريعات عسكرية تعسفية لا تلبي الحد الأدنى من حقوقهم.
جاءت هذه التأكيدات خلال ندوة الكترونية عبر تطبيق الزوم نظمها مركز فلسطين لدراسات الأسرى بمشاركة عدد من الحقوقيين والمختصين ناقشت مدى تعاطي الاحتلال مع الأحكام والتشريعات القانونية والدولية فيما يتعلق بالأسرى الفلسطينيين.
المحامية سحر فرنسيس مدير مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الانسان أوضحت أن سلطات الاحتلال منذ عام 1967 لم تحترم القانون الدولي وفضلت أن تصدر تشريعات عسكرية خاصة بها من خلال الأوامر العسكرية وقامت عملياً بإصدار الأمر العسكري الذي يتعلق بالقضاء العسكري والاعتقال وغيره.
وأضافت فرنسيس "إن الاحتلال وقع على اتفاقية جنيف الرابعة عام 1949، ولكنه عاد بعد 3 شهور وأعلن عدم انطباق الاتفاقية على الوضع الفلسطيني، بحجة أن الأرض ليست محتلة، لذلك فانه لن يطبق بنود الاتفاقية بما فيها ما يتعلق بالأسرى وحقوقهم والاعتقال والمعتقلين والمحاكم العسكرية".
وأشارت إلى أن دولة الاحتلال تخالف ولا تحترم المعايير الواردة في الاتفاقيات بالمطلق، وفي مقدمتها قرار النقل القسري للأسرى من الأرض المحتلة، الى مراكز تحقيق وتوقيف في داخل كيان الاحتلال، وهو مخالف للمادة 49 التي تنص على انه يجب احتجاز الأسرى داخل الأرض المحتلة، ولا يجوز نقل السكان الخاضعين للاحتلال الى خارج الأرض المحتلة .
وبينت أن الاحتلال كذلك يستخدم الأوامر العسكرية في تشريع التعذيب والذي يبدا منذ اللحظة الاولى للاعتقال، وكذلك في مراكز التحقيق، اضافة الى اساءة استخدام الاعتقال الإداري التعسفي حيث هناك شروط ضيقت اللجوء اليه، منها ان تكون الفترة قصيرة جداً، لغايات وجود حالة طوارئ خطيرة جداً ، ويجب ان تكون المحكمة غير مسيسة.
وأوضحت أن مجموعة العمل الخاصة بالاعتقال التعسفي اعتبرت الاعتقال الإداري شكل من أشكال الاعتقال التعسفي، واعتبرت لجنة مناهضة التعذيب الاعتقال الإداري لسنوات والتجديد المستمر شكل من اشكال التعذيب النفسي.
وحول الإجراءات التي تعمل فيها المحاكم العسكرية، قالت فرنسيس أنها تخالف بشكل واضح معايير المحاكم العادلة، وتمنع المخابرات الاسير خلال فترة التحقيق من الالتقاء بمحاميه لمدة تصل الى 60 يوما، وبذلك يمكث الأسير في عزلة كاملة خلال التحقيق دون زياره الأهل أو المحامي ويتم ممارسة التعذيب بحقه بشكل غير قانوني، وهذا يعكس عدم احترام لمبدأ المحاكمة العادلة التي من اساسها اتاحة الحصول على دفاع قانوني و استشارة قانونية، وعدم التعرض للتعذيب.
واستخلصت المحامية فرنسيس بأننا يمكن أن نثبت بكل سهولة أن الاحتلال على مدار عقود قام بانتهاكات جسيمة بحق الأسرى تستدعي مساءلته وتقديمه لمحاكمة جرائم الحرب.
بدوره، قال الحقوقي احسان عادل رئيس ومؤسس منظمة القانون من اجل فلسطين ومقرها السويد، إن الاتفاقيات الدولية تتعامل مع الحالة الفلسطينية كأراضي محتلة، واسرائيل موقعة وملزمة بتنفيذ اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة، ولكنها رفضت التوقيع على البروتوكول الإضافي الأول، رغم ان 177 دولة وقعت على الاتفاقية تضم معظم دول العالم .
وأضاف عادل "إن الاحتلال يؤكد دوماً انه غير ملزم قانونياً بتنفيذ الاتفاقيات الحقوقية، بادعاء أن الضفة الغربية وقطاع غزة ليست ارضاً محتلة ولكنها متنازع عليها لذلك لا ينطبق عليها الاتفاق، لذلك فهي ليست ملزمة لها لأنها تتعامل مع حالة الاحتلال فقط، وهذا ينسحب على ما يتعلق بقضية الأسرى".
وأشار الى أن هذه الفرضية التي يتعامل بها الاحتلال، مرفوضة بشكل كلي من المجتمع الدولي لأنها تخالف قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، والموقف القضائي الدولي الذي كان واضحا في محكمة العدل الدولية بخصوص الجدار ، والذى اكد انها ارض محتلة، كذلك محكمة العدل الأوروبية بخصوص شرعية بضائع المستوطنات، وقرار المحكمة الجنائية الدولية والذي يسمح بالتحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبها الاحتلال في قطاع غزة والضفة الغربية.
وحول كيفية إلزام الاحتلال باتفاقيات جنيف أكد "حسن عبدربه" المتحدث باسم هيئة شؤون الاسرى أن الاحتلال يرفض ولا يزال ترفض تطبيق أحكام اتفاقية جنيف الرابعة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، مخالفاً بذلك عشرات القرارات الاممية التي تؤكد سريان الاتفاقية على عليها.
وأشار عبد ربه الى ان سلطات الاحتلال تنصل وتتهرب من الاتفاقيات للإفلات من المسائلة والمحاسبة الدولية نتيجة الانتهاكات الخطيرة التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني والأسرى بتجنب التعامل معهم كأسرى حرب أو مدنيين محميين أو كمناضلين ومقاومين شرعيين من أجل الحرية والاستقلال الوطني وتتمسك بالتعامل معهم كمجرمين وإرهابيين.
وكشف عبد ربه ان ما يتعرض له الاسرى من انتهاكات خطيرة تتناقض مع الاعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقيات جنيف بالإضافة الى نظام روما 1968، و العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية عام 1966، واتفاقية جنيف الرابعة والثالثة وغيرها.
واستعرض عبد ربه عدة خطوات يمكن من خلالها العمل على إلزام دولة الاحتلال بتطبيق اتفاقيات جنيف على الاسرى والمعتقلين والشعب الفلسطيني بالاستناد للشرعية الدولية وأولها تنفيذ حملات إعلامية على الصعيد الدولي والإقليمي لتبيان جرائم الاحتلال وعنصريته، و الملاحقة القانونية لمسؤولي الاحتلال الذين يرتكبون جرائم وانتهاكات جسيمة بحق الاسرى سواء أمام المحكمة الجنائية الدولية أو المحاكم الوطنية في بعض الدول التي تجيز قوانينها ذلك، وإيجاد شبكة عربية واسلامية واجنبية على شكل لوبي ضاغط في المؤسسات الدولية بالاستناد الى القانون الدولي الإنساني للدفع باتجاه فرض نوع من العزلة الدولية على الاحتلال.
ودعا إلى تشكيل جبهة برلمانية عربية وأوروبية وفلسطينية وعالمية لمناهضة العنصرية الإسرائيلية وتشريعات الكنيست العنصرية والمناقضة للقوانين الدولية والتي تنتهك الحقوق الفلسطينية، ومضاعفة الجهود والمبادرات من داخل هياكل المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة والمطالبة بتطبيق القرارات الدولية المتعلقة بانتهاكات وجرائم الاحتلال.
كما دعا إلى ضرورة تفعيل قرارات المقاطعة الشاملة للاحتلال اقتصاديا وثقافيا وعلميا وعدم التطبيع، والعمل الجاد من خلال المجموعة العربية والدول الصديقة في مجلس حقوق الإنسان على وصم الاحتلال كعنوان للقائمة السوداء وسجل العار نتيجة الجرائم التي يرتكبها ، والعمل على استصدار قرار عبر الجمعية العامة للأمم المتحدة ومن خلال محكمة العدل الدولية في لاهاي لتحديد المكانة والمركز القانوني للأسرى.
ووأكد على ضرورة السعي لعقد اجتماع دولي للدول الموقعة على اتفاقيات جنيف في ضوء استمرار الاحتلال برفضه، والدفع باتجاه المطالبة بإرسال لجان تحقيق دولية للوقوف على طبيعة جرائم الاحتلال، واستخدام كافة الأدوات القانونية على الصعيد الدولي لحماية حقوق الإنسان بالاستفادة من المكانة القانونية لدولة فلسطين باعتبارها عضو مراقب في الأمم المتحدة.
وأوصى المشاركون في الندوة على ضرورة العمل المتواصل لتدويل قضية الأسرى والحفاظ على وجود الحاضنة الوطنية والشعبية والمؤسساتية بجانب توفير الحماية السياسية والقانونية للأسرى والأسيرات كنقطة ارتكاز في التحرك الدولي للتأكيد على شرعية نضال الأسرى باعتبارهم مقاومين من اجل الحرية والاستقلال الوطني وليسوا إرهابيين كما يحاول الاحتلال توصيفهم .