في أحد مستشفيات لندن، قرر ثلاثة أطباء مختصين أن حالة الشيخ مجدي عقيل أبو شمالة ميؤوس منها، فقد ضرب فيروس كورونا الرئتين والكلى، وسيطر على مفاصل الجسد، وخلاياه صارت رهينة في قبضة كورونا، وما عاد بمقدور الطب أن يقدم للمريض شيئًا، وعليه، فقد قرروا رفع الأجهزة الطبية عنه، كي يلاقي مصيره المحتوم.
ولكن طبيبة بريطانية رابعة، كانت تشرف مع الأطباء الثلاثة على علاج الشيخ مجدي، طالبت من زملائها بأن يُعطى المريض مجدي، ابن 66 عامًا، يومين إضافيين، فما زال الجسد يتقبل الأكسجين، وقد تسري في أعضاء الجسد الحياة.
تقول ممرضة بريطانية تعمل في المستشفى: أنا لا أعرف المريض مجدي أبو شمالة، ولكنني قدرت من لحيته أنه إنسان مسلم، ولمّا كنتُ لا أعرف شيئًا عن الإسلام سوى كلمة "قرآن" فقد بحثت في "غوغل" عن كلمة قرآن، فسمعت من جهازي الخاص صوتًا لم أفهم مضمونه، فقلت في نفسي: ربما هذا هو القرآن الذي يتحدثون عنه.
وتضيف الممرضة البريطانية في حديثها لأبرار ابنة الشيخ مجدي: جال في خاطري أن أضع جهاز التسجيل قريبًا من أذن المريض، ربما يسمع الصوت، ويستجيب له بعد شهرين من الغيوبة وأكثر، فكانت المفاجأة؛ حين لاحظت أن شفتي المريض بدأت تتحرك، وصارت تردد مع الصوت المنبعث من الجهاز النغمة ذاتها، فإذا صمت الجهاز، صمتت شفتا المريض، وإذا راح الجهاز ينطق بالقرآن، بدأت شفتا المريض بالتفاعل مع الصوت، والاستجابة له، والتحرك وفق ذبذبة الصوت الصادرة عن جهاز التسجيل.
الممرضة البريطانية: في اليوم التالي أبلغت الأطباء المشرفين على علاج المريض بما حدث، ووصفت لهم الحركة الغريبة التي شاهدتُها على شفتيه، وكيف كان يتفاعل مع الصوت، وحين تأكد الأطباء من ذلك، قرروا جميعهم الإبقاء على أجهزة التنفس الصناعي، وتكثيف العناية بالمريض على أمل الشفاء.
أمس، كان الشيخ مجدي يحدثني بطلاقة وابتسام عن ستة أشهر قضاها في المستشفى، وعن شهرين من الغيبوبة التامة بفعل فايروس كورونا، وعن إصرار الروح على عدم مفارقة الجسد رغم توقف الأعضاء عن الحركة، حتى صار صراع الشيخ مجدي مع الموت قصة تسابقت إليها الصحف البريطانية، كحدث طبي استوجب التغطية والاهتمام، وكحدث إنساني يشير إلى أن العالم قد أضحى قرية صغيرة، وأن هذه الأرض وما عليها، لا تساوي عند خالق الكون جناح بعوضة.
ويضيف الشيخ مجدي بفرح وثناء: لا أنكر فضل الطب في إنقاذ حياتي، ولكنني مدين للدعاء الصادق، فقد دعا لي بالشفاء كل الأحبة والأصدقاء، وقد خصني بدعاء مسجل الشيخ العلامة محمد الحسن ولد الددو، من موريتانيا، وقد دعا لي 600 فقير من الهند، أطعمهم صديقي الهندي (ل. ب) وطلب منهم الدعاء لي، ودعا لي عشرات الفقراء من باكستان؛ الذين أطعمتهم المحسنة الباكستانية (ر. ب) وبعد أن منَّ الله عليَّ بالشفاء، جاءتني أرق تهنئة من طفل جزائري عُقد قران أبيه الجزائري على أمه الفلسطينية في لندن.