فلسطين أون لاين

رويدًا رويدًا "قبر يوسف" يتحول إلى "مَقامٍ" للمستوطنين

...
نابلس - خاص "فلسطين"

بعد اقتحام واسع النطاق لـ"مقام يوسف"؛ شارك فيه مايك هكابي الحاكم السابق لولاية أركنساس الأمريكية ؛ ويوسي دغان رئيس المجلس الإقليمي لمستوطنات شمال الضفة الغربية؛ توقع مراقبون أن يتحول ما يعرف بقبر يوسف الواقع قرب مخيم بلاطة شرق نابلس؛ إلى معلمٍ ديني مقدس يقيم فيه المستوطنون طقوسهم التلمودية؛ لا سيما أنه في الآونة الأخيرة صار موطئ قدم لجيش الاحتلال.

ففي فجر الأمس اقتحمَ المقام نحو خمسة آلاف مستوطن من بينهم ضباط في جيش الاحتلال؛ ما أدى إلى اندلاع مواجهاتٍ عنيفة أُصيب على إثرها شابان فلسطينيان بالأعيرة المعدنية المغلفة بالمطاط.

وذهب متابعون إلى أن لجوء الاحتلال والمستوطنين إلى تكرار اقتحام القبر؛ ومن ثم إجراء إصلاحات وإنشاء مرافق داخله؛ فضلًا عن زيادة عدد الرحلات والزيارات إليه؛ ومشاركة حَاخاماتٍ وشخصياتٍ سياسية ودينية ليس فقط على مستوى (إسرائيل) بل على مستوى العالم؛ يعطي مؤشرًا نحو العزم على تحويل قبر يوسف إلى معلمٍ ديني ثابت.

من جانبه، رأى الباحث الإعلامي نواف العامر، أن الاحتلال يسعى جاهدًا من خلال هذه الممارسات إلى فرض واقع بمقتضاه تعود الأمور لما كانت عليه قبل انتفاضة الأقصى؛ ليصبح محطة دائمة لاستقبال المستوطنين.

وتابع العامر حديثه قائلًا: "ما حصل مؤخرًا في منطقة القبر من إجراء تغييرات وترميمات وزيارات شخصيات، يشير إلى أن الفترة المقبلة ستشهد تغييرًا لا تحمد عقباه؛ لا سيما أن موقف السلطة الفلسطينية يلعب دورًا في تحقيق هذا الهدف؛ كونها تتصدى لأي احتجاجٍ يستهدف الاحتلال في الضفة".

وأضاف: "رغم أن التاريخ يذكر بأن منطقة قبر يوسف لا تعدو عن كونها قبرًا يعود لأحد سكان المنطقة؛ إلا أن الاحتلال يتعامل معه كمسمار جحا في المدينة؛ ولا يدخر جهدًا ليجعل من هذه المنطقة موطئ قدم بل ولا يتورع أن يبني مزاعمه على الكذب".

وفي السياق نفسه قال الإعلامي أحمد البيتاوي: "يتقن الاحتلال استخدام سياسة التدرج وطول النفس لترسيخ الوقائع على الأرض، هذا ما يحصل تمامًا اليوم في اقتحاماته المتكررة لقبر يوسف، إذ كان المستوطنون في بادئ الأمر يدخلونه على استحياءٍ وبأعدادٍ قليلة ولوقت محدود يسبق صلاة الفجر".

وزاد قائلًا: "أما اليوم صار المستوطنون يعلنون عن موعد الاقتحام وبمشاركة الآلاف وترأسهم شخصيات سياسية رفيعة؛ وعلاوةً عليه يلتقطون صور "السيلفي"؛ وبالأمس القريب قاموا أيضًا بترميم القبر وتجميله".

ماذا لو استمر الوضع على هذا الحال؟ يجيب البيتاوي عن سؤال مطروح: "لا أستبعد بعد سنوات قليلة أن يتحول هذا الاقتحام إلى مستقر دائم للمستوطنين وجيش الاحتلال على حد سواء، وأخشى أن تصبح المنطقة القريبة من القبر كالبلدة القديمة في الخليل".

ويتساءل البيتاوي: "تُرى أين السلطة من كل ما يجري؟ أيُعقل تجاهل الأمر لهذه الدرجة! وإنه من المفارقة أن نسمع تصريحًا لأحد مسؤولي السلطة يطالب المواطنين بقطع شوارع المستوطنين الالتفافية، وبمناسبة هذا النفس الثوري، لماذا لا تعلن السلطة عن منع المستوطنين من -الصلاة- في قبر يوسف لمدة محدودة فقط كخطوة مساندة في إطار التضامن مع الأسرى؟".

وحسب المعتقدات اليهودية فإن عظام النبي يوسف بن يعقوب؛ أحضرت من مصر ودفنت في هذا المكان؛ فيما يعتقد بعض علماء الآثار أن عمر القبر لا يتجاوز بضعة قرون، وأنه مقام لشيخ مسلم اسمه يوسف الدويكات.