وصف جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي السابق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بأنه مجرد خلاف عقاري بين الجانبين، وأكد أن العالم يشهد المراحل الأخيرة من الصراع العربي الإسرائيلي الذي استمر مدة طويلة، بسبب أسطورة أنه يمكن حله فقط بمجرد أن ينهي الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي خلافاتهما، حسب قوله.
يقال إن تصريحات كوشنر أثارت عاصفة كبيرة من السخرية، خاصة أنه عد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مجرد خلاف عقاري، ولكن كوشنر لم يخطئ بذلك الوصف، فهو لم يصف أصل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وإنما وصف الصراع بشكله الحالي بين القادة العرب ومن تبعهم من الفلسطينيين من جهة والمحتل الإسرائيلي من جهة أخرى.
الفلسطينيون يخوضون صراعًا عقديًّا حقيقيًّا ضد اليهودي الذي يحتل أرض فلسطين ومقدساتها ويستند إلى رواية كاذبة للتاريخ، ولكن أطرافًا فلسطينية وافقت على اتفاقية أوسلو، فحولت الصراع من صراع عقدي الى نزاعات حدودية لا أصل لها ومفاوضات عبثيه لا نهاية لها، وحين يسمع كوشنر عن مفاوضات تبادل الأراضي بين اليهود والسلطة من حقه أن يصف الصراع بأنه خلاف عقاري، وعندما يرى كوشنر الأنظمة العربية التي تهرول إلى إحضان المحتل الإسرائيلي وتضخ المليارات من أجل تحقيق المزيد من الاستثمارات؛ من حقه الاعتقاد بأن الصراع العربي الإسرائيلي في مراحله الأخيرة.
أنا أتفق مع كوشنر أن الصراع العربي الإسرائيلي في مراحله الأخيرة، لأن دولة الاحتلال تعيش مرحلتها الأخيرة بالفعل، والأنظمة العربية المعادية لشعوبها تقترب نهايتها، وهذه حقيقة يدركها قادة الاحتلال الإسرائيلي، حتى إن بنيامين نتنياهو أعرب يومًا عن مخاوفه من نهاية قريبة للكيان الإسرائيلي، وقال إن مملكة يهودية في الماضي صمدت 77 عامًا، وإنه سيعمل بكل قوة أن تعيش (إسرائيل) حتى مئة عام، وهذه مخاوف موجودة لدى غالبية قادة الاحتلال؛ فهم على يقين تام أنهم دخلاء على فلسطين ونهايتهم مسألة وقت، ولكنهم يعملون بكل جد لإضافة بضع سنين إلى عمر كيانهم الزائل، أما الدول الحقيقية الشرعية فقادتها وشعوبها لا يفكرون في نهايتها أو طول بقاء دولهم واستمرار وجودها، وهي التي وجدت قبل مئات وآلاف السنين.