فلسطين أون لاين

​بعد إثبات ضلوع "الشاباك" باغتياله

اغتيال فقها "عمليـة غير نظيفـة".. والاحتلال غارق بصمته!

...
القيادي في كتائب القسام الشهيد مازن فقها
رام الله-غزة/ أحمد المصري

حملت التفاصيل التي كشفتها وزارة الداخلية والأمن الوطني بغزة، دلالات دامغة على وقوف مخابرات الاحتلال الإسرائيلي وراء جريمة اغتيال القيادي في كتائب القسام مازن فقها، غير أن ذلك لم يبدل حالة الصمت الرسمي التي التزمها الاحتلال منذ تنفيذ الجريمة، فيما كان إعلامه ينقل الخبر مجردًا، فلماذا جاءت السياسة الإسرائيلية في هذا الإطار؟

وكان رئيس قطاع الداخلية والأمن في غزة اللواء توفيق أبو نعيم، كشف في مؤتمر عقدته الداخلية الثلاثاء الماضي، خيوط عملية اغتيال "فقها"، بعد اعتقال ثلاثة عملاء، من أفراد الخلية التي كُلفت ميدانيا لتنفيذ من طرف ضباط جهاز المخابرات الإسرائيلية (الشاباك)، وذلك طبقاً لاعترافات العملاء التي وثقتها الداخلية في تسجيل مصور.

المختص بالشأن الإسرائيلي، محمود مرداوي، أشار إلى أن مؤتمر "داخلية غزة" وما كُشف فيه من معلومات وخبايا، بث ما يمكن اعتباره "صدمة" لدولة الاحتلال، سيما القطاعات السياسية والأمنية والإعلامية بداخلها.

نقل مجرد

وقال مرداوي لـ"فلسطين": تعامل الإعلام العبري مع معلومات مؤتمر الداخلية عبر النقل المجرد القائم على اجتزاء بعض الفقرات، دون إضافة أي جملة أو عبارة أو تحليل، كعادته مع الخبراء والمختصين الإسرائيليين، حول ما تخلل المؤتمر من اتهامات واضحة بوقوف المخابرات الإسرائيلية وراء اغتيال "فقها".

وأضاف أن جميع وسائل الإعلام العبرية تعاملت مع تفاصيل عملية "فك الشيفرة" بصورة موحدة وهي النقل المجرد، وتباين أسلوب الطرح والعرض والإخراج، مرجحًا أن يكون الأمر "عملًا بتوجيهات الرقابة العسكرية الإسرائيلية" التي توجه وسائل الإعلام وتخضعها لرؤيتها.

و"فك الشيفرة" هو الاسم الذي أطلقته الداخلية على عملية تتبع خيوط جريمة الاغتيال التي وضعت أجهزة الأمن بغزة في حالة استنفار دامت نحو 47 يوماً.

وأوضح مرداوي أن المستويات السياسية الحكومية الإسرائيلية والمعارضة "لم تدلِ بأي صوت" يُعقّب على مجريات مؤتمر الداخلية، وما كشف فيه من كون قتلة الشهيد فقها هم عملاء لـ(إسرائيل) تم توجيههم عبر جهاز المخابرات.

أضاف أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير جيشه أفيغدور ليبرمان "لم ينطقا بحرف واحد، ولم ينبسا ببنت شفة ردا على اتهام حماس لـ(إسرائيل) باغتيال فقها".

وكان ليبرمان قد حاول درء التهم عن (إسرائيل) بالدفع إعلاميا إلى فرضية تصفية الحسابات بين بين قيادات "حماس"، نافياً ضلوع أجهزته في عملية الاغتيال.

وقال في الثاني من أبريل/ نيسان الماضي خلال زيارته مستوطنة "سديروت" القريبة من السياج الأمني الشمالي الفاصل: "لا نبحث عن مغامرات في غزة (...) نتبع سياسة أمنية بمسؤولية وتصميم"، مضيفاً: "دعوا حماس تقوم بما تريده، ونحن سنقوم بما يتوجب علينا فعله. حماس معروفة بالاغتيالات الداخلية لتصفية الحسابات".

حدث عابر

ويتفق المختص في الشأن الإسرائيلي عمر جعارة، مع مرداوي في أن المتفحص للأوضاع السياسية والإعلامية الإسرائيلية يلحظ التزام الجهتين أقصى درجات الصمت.

وأشار جعارة لـ"فلسطين"، إلى أن الجهات السياسية من أقصى اليمين المتطرف إلى اليسار، وصولا لحكومة نتنياهو ووزرائها وشخصيات المعارضة لم يُدلِ أي منهم بتصريح أو موقف أو تعقيب واحد على تنفيذ (إسرائيل) للجريمة، فيما اكتفى الإعلام العبري بالنقل المجرد كحدث عابر دون زيادة.

ولفت إلى أن الاحتلال خطط لأن تكون جريمة الاغتيال عملية "نظيفة" وأن تُفقد أجهزة حركة حماس الأمنية القدرة على تتبع أي خيط، وحتى لا يضطر لدفع أي ثمن سياسي أو أمني، وهو ما يجعل من الجهات السياسية والإعلامية تلتزم الصمت بعد تنفيذ وكشف الجريمة "كحل أنسب" لئلّا تهتز صورتها الأمنية.

ويرى جعارة أن وسائل الإعلام العبرية لو استطاعت ألا تنقل تفاصيل مؤتمر الكشف عن قتلة فقها لفعلت، غير أنها تدرك أن حجب المعلومة يضرها أكثر مما ينفعها، سيما في ظل الفضاء المفتوح أمام الجمهور.

ولفت إلى أن السياسة والإعلام الإسرائيليين يسيران في بوتقة واحدة، والقاعدة الأساسية في مثل حوادث الاغتيال التي تنفذها المخابرات الإسرائيلية ضد حركات المقاومة "الصمت والاكتفاء بما تفرضه المصالح".

ونبه جعارة إلى أن الاحتلال اعتاد سياسيا عدم التطرق بتوجيهات صارمة على حوادث اغتيال جرت مسبقا بصورة مشابهة لعملية اغتيال "فقها" وإن حدث ذلك فيكون بعد وقت طويل من الزمن ضمن أي تأثيرات عليه.

وتحيط المؤسسة العسكرية لجيش الاحتلال الإعلام الإسرائيلي بخطوط حمراء من الرقابة التي تحظر تداول قضايا ذات أبعاد أمنية، عدا تلك التي يرفع الغطاء عنها، أو يسمح فيها بالنشر في أطر محددة.