ذكرت تقارير صادرة من الضفة وقطاع غزة أن نسبة الإصابات بفيروس كورونا بلغت قرابة 40% من عدد السكان، وهذا رقم أقل بكثير من الإصابات التي سجلت بعد الفحص وظهور الأعراض وفحص المخالطين دون أعراض، أي أن نسبة ظهور الأعراض متدنية جدًّا، وكذلك نسبة الوفيات من المرض بخلاف ما صدر عن منظمة الصحة العالمية في الأشهر الأولى من الوباء، ولكنها حقيقة تتوافق مع توقعات علماء من ذوي الاختصاص الذين قالوا إن الحالات غير المكتشفة أكبر بكثير من الحالات المكتشفة.
أمام هذه المعطيات نكون أمام خيارين: إما أن نأخذ بها وتكون الإجراءات الوقائية متناسبة معها، وإما لا نثق بها فنستمر بالسياسة المتبعة حاليًّا، العلماء يقولون إن حدة الوباء ستنكسر ويبدأ في التراجع إذا تحققت مناعة القطيع، وتلك لا تتحقق إلا بإصابة أكثر من 60% من السكان بالمرض، ونحن تجاوزنا نسبة 40% لأن التقارير المذكورة آنفًا صدرت منذ مدة، أيضًا بدء عملية التطعيم سيرفع نسبة المحصنين ضد كورونا، أي أنه يمكن تحقيق مناعة القطيع في عدة أشهر فقط، وعليه لا بد من تخفيف الإجراءات، خاصة تلك التي تؤثر تأثيرًا كبيرًا في "الاقتصاد"، وأرزاق الناس، وعبادتهم، والعملية التربوية.
تخفيف الإجراءات كما قلت في أكثر من مناسبة لا يعني تجاهل الوباء، أو تجاهل عدم معرفتنا المؤكدة بطبيعته وتطوراته، خاصة مع وجود طفرات وتحورات نعلمها وأخرى لا نعلمها، لذلك لا بد من التركيز على إجراءات الوقاية الشخصية، من التزام التباعد (وهو أهم عنصر من عناصر الوقاية)، ثم الالتزام باستخدام الكمامات في أماكن التجمع، واستخدام المعقمات وغسل الأيدي حيثما لزم، لا بد من اتباع هذه الإجراءات، وكأن الوباء يتربص بكل فرد، فإذا التزم المواطنون فإن الأرقام ستنخفض، وذلك سيشجع الجهات المختصة على تخفيف القيود والإجراءات بدرجة كبيرة، وعلى المواطن أن يدرك أن عدم التزامه هو الذي يدفع باتجاه التشديد، فليس هناك من يسعده أو يريحه خنق المواطنين والتضييق عليهم.
الشعب الفلسطيني وكأنه خلق لمواجهة الصعاب والتحديات، ولذلك لا بد أن نكون على قدر المسؤولية، وأعتقد أننا أصبحنا قاب قوسين من التخلص من وباء كورونا ومن الحصار الظالم لغزة، ونتمنى على الله (عز وجل) أن يكون عام 2021 عام الفرج والفرح لأبناء الشعب الفلسطيني كافة.