حالة حراك قوي تشهدها بعض تجمعات المستقلين في الأراضي الفلسطينية للتحضير للانتخابات المقبلة، لاسيما الانتخابات التشريعية، حتى الرئاسية التي أعلن حتى تاريخه بعض الشخصيات التي تصنف نفسها مستقلة المنافسة على مقعد رئيس دولة فلسطين، وهذه مسألة صحية تمنح الانتخابات قوة واهتمامًا لدى الأوساط المحلية والدولية، ويبقى السؤال: ما أهم التحديات التي تعترض قوائم المستقلين في الانتخابات التشريعية تحديدًا؟ لكون الرئاسية أسهل من حيث الترشح وأصعب من حيث فرص الفوز في مجتمع يعيش تحت احتلال واستقطاب وانقسام يجعل الجزء الأكبر من المجتمع الفلسطيني مؤطرًا سياسيًّا.
من وجهة نظري ثمة العديد من التحديات تعترض قوائم المستقلين، أهمها ثلاثة هي:
1. تشكيل القوائم الانتخابية.
2. ممارسة الدعاية الانتخابية وما يرافقها من تكاليف مادية ودعم لوجستي.
3. الانسجام بين مكوناتها بعد الوصول إلى قبة البرلمان.
أولًا: تشكيل القوائم الانتخابية:
قانون الانتخابات حدد الحد الأدنى للقائمة الانتخابية ستة عشر مرشحًا، وهنا سيبرز التحدي الأول لقوائم المستقلين، المتمثل في إنجاز قائمة انتخابية تضم أسماء كبيرة تحظى بالقبول الشعبي، وفي تقديري أن العديد من قوائم المستقلين لن تنجح في استقطاب 16 مرشحًا من النخب السياسية والفكرية، والأكاديمية، وخبراء القانون والاقتصاد، وأطباء وغيرهم من النخب التي تنال ثقة المواطن، ويكون لها حضور اجتماعي خلال المدة الماضية، لأن قانون الانتخابات وضع عراقيل أمام ترشح هؤلاء تتمثل في الاستقالة من الوظيفة، وهو يضع المستقل النخبوي بين خيارين: إما أن يكون من أول ثلاثة أسماء في القائمة أو الانسحاب خشية على وظيفته، وهو ما سيعزز من التنافس بين قوائم المستقلين على المقاعد الأولى في هذه القوائم، وبذلك ستختفي العديد من الطموحات السياسية لبعض القوائم لعدم اكتمال النصاب، أو استبدال أسماء غير مؤثرة كثيرًا بالنخب، ولأن التاريخ الماضي أكد ضعف نسبة التصويت لهذه القوائم في الانتخابات السياسية، إلا أن هذه المرحلة تختلف كثيرًا من حيث المزاج العام للناخبين، ومن حيث التغيير في البيئة الانتخابية إذ ينص قانون الانتخابات الجديد على نسبة حسم 1.5%، والوطن قائمة واحدة، وكان في السابق نسبة الحسم 2% و50% قوائم ومثلها عبر نظام الدوائر، وفقًا لما سبق هناك فرص لقوائم المستقلين، إن تجاوزت التحديات.
ثانيًا: الدعاية الانتخابية:
لا يختلف اثنان في حجم التكلفة المالية لأي قائمة انتخابية، فقط 10.000 دولار هي استحقاق لجنة الانتخابات المركزية حسب القانون لأي قائمة تريد الترشح، وتحتاج القائمة بالحد الأدنى لمثلهم للدعاية الانتخابية، ومع غياب تمويل لهذه القوائم سيكون خيار جمع هذا المبلغ عقبة حقيقية أمام تشكيل بعض هذه القوائم.
ثالثًا: الانسجام بين مكوناتها بعد الوصول إلى قبة البرلمان:
التجربة تقول إن قوائم المستقلين في أغلبهم تربطهم تحالفات انتخابية للوصول إلى البرلمان، وسرعان ما يفرط عقد هذا التحالف في داخل البرلمان (ما حصل في المجلس التشريعي الفلسطيني بين المرحومة راوية الشوا ومصطفى البرغوثي نموذج)، وهو ما يجعل تشكيل كتلة وتيار ثالث يضعف من حدة الاستقطاب بين كتلتي فتح وحماس أمرًا صعبًا، وربما تنجح الكتل الكبيرة في استقطاب بعض نواب هذه القوائم عبر صفقات سياسية موجودة في كل النظم السياسية بالعالم.
الخلاصة: أتمنى أن يخرج القطاع الخاص بمبادرة لجمع شمل كل قوائم المستقلين في قائمة واحدة تضم الخبرات كافة، وأن يتشكل "لوبي" ضاغط لضمان الأمن الوظيفي لمن يترشح منهم ولم يحالفه الحظ بأن يعود لوظيفته، وأن تتوافر الموارد المالية لتغطية نفقات هذه القائمة، وأن يوقع ميثاق شرف بين أعضاء القائمة والشعب، على أن تبقى هذه القائمة كتلة مانعة تهتم بالدرجة الأساسية باستقرار النظام السياسي، والقضايا الوطنية، وعدم تفرد أي طرف بالقرار وحده، وأن ترعى كل الحقوق للفئات الهشة والفقيرة والموظفين والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والشباب، لا سيما الخريجين منهم، والعمال والمرأة والطفولة، وكل شرائح مجتمعنا.