فلسطين أون لاين

سوسنيات (9) - أقلامنا

...
الأسير سعيد ذياب

أقلامنا هي آمالنا، هي آلامنا، هي ترجماننا وفيض المشاعر.

هي أشواقنا المتدثرة حزنًا وحزننا المكبوت في صدرنا، في روحنا، في كلنا، هي نزفنا المكابر.

لساننا الصادق هي، تتحدث بصمت عن جرحنا، إلى جرحنا، في جرحنا؛ فجراحنا الغضة ترفد بحر المداد، منها تصطبغ شواطئ الذكرى، ومنها ينبع الإحساس فينا، ومنها تمتلئ المحابر، منها تنبعث الكلمات وتتراكض الجمل، تصطف السطور في خشوع لاستقبال بعض كينونتنا، أملًا في إيجاد سبيل للخلاص من هذا الغيهب فرارًا من وحشة المقابر، فإن أفلحت وتلقفتها يد أمينة فقد نجت وتحررت وتحرر معها بعض ما فينا، وإلا تعود تكابد المأساة كما نكابد، فيعلوها الغبار، وتضيع كما تضيع السنين هنا والأعمار، وتنسحق بشريات الخروج وتذوي الأزاهر.

فإلى من يسمع صوتنا ويقرأ حرفنا، وقد يكون طال شغافه خفقات قلبنا ونبضات لهفنا، يا كل الأحياء هنالك:

نحن المعلقون بأهداب الموت، العالقون على برزخ الزمن، الساكنون في عين القهر، أما زلنا الوجع الساكن في قلب كل حر، والغصة المتولدة مع سريان دفق الحياة؟، أما زالت قضيتنا حبلًا جامعًا وثابتًا قاطعًا أم تدنست على عتبات الاستجداء وتقزمت لتضحي صرخة في العدم وظلًّا من سراب؟، أيها الصادقون من أولئك، اسمعوا وتذكروا، وإذا سمعتم صوتنا وأتاكم همسنا فافهموه جيدًا وعوا، نحن الحب الحاضر في كف الرجولة والعناد، والجذوة المتقدة عزمًا في صدور الواثقين برب العباد، نحن الشعلة التي يراد لها أن تغفو في حضن الغياب، نحن البسمة المقهورة والرسمة المشطورة والنسمة المبتورة، نحن المحاربون بسيوف الحق ورماح العشق، ولن يسقط ترسنا ولن تخبو عزائمنا، فاطمئنوا بنا لنطمئن بكم؛ فنحن المؤملون دومًا والشاخصون بكل لواحظهم إلى إشراقة كبرى ليوم نصر همت شمسه بالبزوغ، وموعدنا معكم قريب بعزم جباه لا تنحني إلا لله العزيز الجبار.

(وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا).