قبل الحديث عن مخاطر القائمة المشتركة، أود تأكيد أن "الموافقة الخطية" التي أرسلها السيد إسماعيل هنية للسيد الرئيس لم تكن "خطوة صحيحة باتجاه إنهاء الانقسام"، بل هي خطوة مخالفة لما اتُّفق عليه في القاهرة، ولكنها عظيمة لسحب الأعذار من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وخاصة حركة فتح، فاتفاق القاهرة لم ينص على انتخابات متتابعة ولا على نظام النسبية الكاملة، ولم تتفق الفصائل على تعديل هذه البنود في أي اجتماع لها، ومع ذلك يحسب لحماس أنها قدمت تنازلًا محمودًا من أجل الصالح العام، ونتمنى أن يثمر هذا الجهد وتتخلى منظمة التحرير عن تهربها المستمر من مواجهة الانتخابات و"حكم" الشعب الفلسطيني على أدائها.
أما بالنسبة لخوض الانتخابات التشريعية القادمة في قائمة مشتركة تضم حركة فتح وحركة حماس، فهي من أجل ضمان عدم حصول حركة حماس على أغلبية كما حدث في الانتخابات السابقة، بحيث تتساوى مقاعد الحركتين، علمًا بأن إنجازات حركة حماس منذ تلك الانتخابات تعاظمت بفعل إنجازات المقاومة في حين لم تحقق حركة فتح شيئًا يذكر في مفاوضاتها مع المحتل الإسرائيلي بل على العكس تمامًا.
لنفترض جدلًا أن الانتخابات التشريعية تقررت واتفقت الحركتان على القائمة المشتركة، النتيجة ستكون لصالح فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، التي ستشكل مع حركة فتح الأغلبية في المجلس التشريعي. في الانتخابات السابقة رأينا كيف ترشح الكثير من الإخوة في حركة فتح للمجلس التشريعي دون موافقة حركتهم؛ ما أدى إلى تراجعهم في بعض المناطق مثل الخليل، ولكن في ظل وجود قائمة مشتركة قد تعمل حركة فتح "سرا" على دعم قائمة "مستقلة" تضع فيها قسم من مرشحيها للمجلس التشريعي بحيث تحصل في النهاية على مجموع أكبر من الفائزين "من المشتركة ومن المستقلة"، وقد تتشكل قائمة خاصة بمنظمة التحرير تضم مرشحي فتح ومرشحي فصائل منظمة التحرير، ويكون الدعم شبه الكلي لتلك القائمة، فما الذي سيحل بحركة حماس حينها؟ وقد تتنبه حركة حماس إلى ذلك السيناريو المتوقع فتشكل بدورها قائمة موازية للقائمة المشتركة، وننتهي إلى انتخابات مليئة بالقوائم ومليئة بالشكوك؛ ما يهدد الاتفاق الفصائلي بالانهيار مجددًا.
أعتقد أن نسبة إجراء انتخابات تشريعية هي 50% ونسبة إجراء انتخابات رئاسية 20%، أما نسبة إجراء انتخابات المجلس الوطني فهي صفر %، ومع ذلك فإنني أنصح بأن تكون الانتخابات "إن حصلت" نزيهة وشفافة وأن تتشكل القوائم بشكل طبيعي، كأن تتحالف القوى الإسلامية مع بعضها والقوى الوطنية مع بعضها، أو دون تحالفات، وأن تعطى الفرصة لكل فئات المجتمع بالمشاركة انتخابًا وترشيحًا، ويكفي أن اتفاق الفصائل على القوائم والنسبية الكاملة حرم كمًّا كبيرًا من الكفاءات والشخصيات الفاعلة والوازنة في المجتمع من الترشح الفردي، وأعطت المجال لشخصيات قد لا يكون لها أي قيمة في المجتمع لتصدر القوائم.