حين تشتد المنافسة الحزبية بين القيادات الكبيرة، تسمع من أطرافها المتشاكسة كلامًا ليس منطقيًّا، ولا يصمد في النقاش العقلي، ولا يصمد أمام معطيات الواقع والميدان. انتخابات مارس القادم في دولة الاحتلال رفعت درجة سخونة الاتهامات الحزبية المتبادلة. أطراف حزبية تود صناعة تكتل يستطيع هزيمة نتنياهو، ومن ثم إخراجه من كرسي قيادة الحكومة بعد أن طال بقاؤه فيه، بقاءً تجاوز سنوات من سبقوه.
نتنياهو أثبت قدرة عالية على المناورة الحزبية، وتمكن من استبقاء الليكود وتحالف الليكود في الحكم. حين شكّل غانتس ورفاقه من الجنرالات حزب أزرق أبيض، تمكن الحزب من تهديد مركز نتنياهو، ولكن التهديد ظل بعيدًا عن الحسم، وتمزق أزرق أبيض، ولحق غانتس وأشكنازي بمشروع نتنياهو لتبادل قيادة الحكومة، ولكن نتنياهو جعل التبادل مجرد فكرة نظرية، لا سيما بعد أن قرر الكنيست حل نفسه.
بقرار الحل، وبقرار الانتخابات، ولدت في دولة الاحتلال أحزاب جديدة، منها حزب بقيادة ساعر عضو الليكود الذي نافس نتنياهو على قيادة الحزب، ولكنه فشل في انتزاع كرسي القيادة من نتنياهو، وولد حزب جديد أيضًا بقيادة رئيس بلدية تل أبيب، هذه الولادات الجديدة تجتمع معًا على نقطة إسقاط نتنياهو. ونتنياهو يعمل على البقاء رغم أنف هذه الأحزاب.
يبدو أن الناخب الإسرائيلي لم يغفر لغانتس تحالفه مع نتنياهو، ومن ثم قرر التخلي عنه في انتخابات مارس القادم، ومن ثم تحدثت الأخبار الأخيرة عن رغبة غانتس في مغادرة ساحة العمل السياسي، وفي استراحة بالبيت.
وبينما تتصارع الأحزاب فيما بينها، يذهب "يهود باراك" إلى لعبة قذرة لإضعاف فرص نتنياهو، فيزعم أن حماس والتيار الإسلامي في (إسرائيل) يرغبون ببقاء نيتنياهو رئيسًا للوزراء، وهو قول لا يستند إلى أدلة مقنعة، أو إلى وقائع شاهدة ومبررة، ولكن باراك يعرف أن جل الناخبين في (إسرائيل) يكرهون حماس ويكرهون الحركة الإسلامية في داخل الخط الأخضر، لذا هو يرمي بلغة الكراهية هذه في حجر نتنياهو الساحر؛ عسى أن تبطل نار الكراهية هذه بعضًا من سحر نتنياهو، حيث تتوقع استطلاعات الرأي فوز الليكود وتحالفه بمقاعد كافية تسمح لنتنياهو بالبقاء في رئاسة الحكومة.
كلنا يعلم أن الحركة الإسلامية داخل فلسطين المحتلة وخارجها لا تفاضل بين نتنياهو وغيره، وترى أن قادة الأحزاب في دولة الاحتلال يختلفون فيما بينهم في قضاياهم الداخلية، ولكنهم يتوحدون معًا في مواجهة حماس، والحركة الإسلامية، بل والإسلام السياسي حيثما كان. ومن ثم فإن لعبة باراك القذرة لا تستطيع إخفاء عجز باراك وفشله أمام نتنياهو.