قال مسئول في وزارة النقل والمواصلات: إن سائق المركبة العمومية أو الحافلة هو واجهة الدولة التي يعتز بها الجميع والتي نرغب بأن يراها الجميع بأفضل صورة وأجمل مشهد لكونه يعكس صورة الدولة أمام الجميع، ولذلك قررت الوزارة إلزام السائقين بزي موحد مع بداية العام القادم.
غالبية السكان في فلسطين يعانون ضائقة اقتصادية شديدة، ومن ضمنهم سائقو المركبات، وفي هذه الأيام بالذات توقفت الحركة بين محافظات الضفة الغربية، وتعطلت أعمال السائقين ولم يعد دخلهم يكفيهم لضرورات الحياة، ولو سألنا كم سائقًا منهم اشترى لباسًا جديدًا له منذ بداية جائحة كورونا لوجدنا قلة قليلة فعلت ذلك، والباقي بالكاد يوفر لقمة عيشه أو أقساط مترتبة عليه ثمنًا لمركبته أو أقساط ابنه الجامعية.
لا يمكن اتخاذ قرارات عشوائية مع إهمال أولويات التوقيت والحالة التي يمر بها شعبنا، فقط لأن الوزير يريد أن يظهر السائق بصورة جميلة تعكس صورة الدولة؟ أي دولة يا سيادة الوزير التي تريد إظهارها على حساب السائق المسكين؟ السائق مثله مثل أي مواطن يعيش بكرامته ويحافظ على صورته قدر الإمكان، فالسائق والراكب سيان في حالتهما الاجتماعية ومعاناتهما وهندامهما، لا نريد أن نثقل على المواطنين حتى يتساوى سائق "الخط" مع سائق" الوزير"، وإن كان ولا بد فلا مانع أن تصرف الوزارة لكل سائق لباسين من ميزانيتها الخاصة كرمال الوطن وصورته المشرقة، وكذلك أرى أن وحدة الصف الفلسطيني هي التي تعكس صورة الشعب الفلسطيني وليس وحدة زي الغلابة.
أذكر أنه قبل سنوات فرضت وزارة النقل والمواصلات على المركبات العمومية وضع عدادات وتشغيلها والالتزام بها وتحدثوا حينها عن الفوائد المرجوة من خدمة للمواطن والسائق والحالة النظامية في الوطن، ولكن بعد انتهاء المخزون من العدادات لم يعد هناك رقابة عليها ولا التزام بها وكأن شيئًا لم يكن، وهذا يبين أن القرارات "أحيانًا" تتخذ عشوائيًّا دون مراعاة لظروف المواطن الفلسطيني، فالعدادات التي تم دفع الملايين ثمنًا لها من جيوب السائقين لم تعد مهمة بالنسبة لوزارة النقل والمواصلات، والمواطن وحده يتحمل الخسائر الناتجة عن مثل تلك القرارات دون حسيب أو رقيب ودون مراجعة.