ما يميز حركة حماس أنها حركة مؤسسية لا تخضع لرؤية أو حكم الفرد، بل تضبطها لوائح وقوانين مؤسسية، وتتخذ قراراتها بالشورى، أما قائد الحركة فهو مرآة لها، ويعكس صورتها أمام العالم، ويعمل على تحقيق وتنفيذ قراراتها ورؤيتها وإستراتيجياتها، ومن حسن حظ حركة حماس أن رئاسة المكتب السياسي انتقلت بين ثلاث شخصيات حتى اللحظة _وهم: موسى أبو مرزوق، وخالد مشعل، وإسماعيل هنية_ من الشخصيات الفلسطينية التي تتمتع بـ(كاريزما) القائد الزعيم، وهذا يدفعنا إلى التساؤل عن المأمول من قيادة إسماعيل هنية رئاسة المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)؟
السيد إسماعيل هنية شغل مناصب قيادية عديدة في حركة حماس، آخرها نائب رئيس المكتب السياسي، يتمتع بسمات شخصية تجعله مختلفًا عن الآخرين، فهو يجمع بين المتناقضات السياسية، قلّما تجد شخصية تتمتع بشبه إجماع داخل المجتمع الفلسطيني كما هو الحال مع هنية، فجمهور حركة فتح يكنّون له كل احترام، وباقي مكونات الحركة الوطنية، كذلك بسطاء المخيم والمدينة والقرية، والجمهور العربي والإسلامي، أما بخصوص الدول فهو يتمتع بعلاقات مع القاهرة والرياض والدوحة وأنقرة، وكذلك مع طهران، وغيرها من العواصم.
هذه الشخصية الوطنية المتميزة تزيد من آمال وتوقعات وتطلعات المواطنين، ما يزيد من حجم المسئولية التي ستقع على هنية في السنوات الأربع القادمة، فمن الأزمات التي تعصف بقطاع غزة إلى الاستيطان في الضفة الغربية، وصولًا إلى تهويد القدس، وليس انتهاءً بما يعانيه من تمييز عنصري أهلنا في الـ(48)، وكذلك الشتات.
نعود إلى التساؤل الأول عن الملفات الموضوعة على أجندة هنية للمكتب السياسي في الملفات التالية:
1. الملف التنظيمي لحركة حماس:
حركة حماس من كبرى الحركات السياسية بفلسطين، في يناير 2006م حصلت على أعلى الأصوات في الانتخابات التشريعية، وهي التي تقود مشروع المقاومة في فلسطين، في المقابل مازالت هياكلها التنظيمية غير منسجمة مع حجم الحركة ودورها، وبات مأمولًا من السيد إسماعيل هنية ترتيب الملف التنظيمي على وفق ما يضمن جودة في الأداء، ومشاركة أوسع للشباب وللنساء، ما ينعكس انعكاسًا مباشرًا وإيجابيًّا على المواطن والقضية.
يضاف إلى ما سبق ترجمة الوثيقة السياسية إلى أفعال وأنشطة، والانتقال من النظرية إلى التطبيق، بتطوير المناهج التربوية للحركة الإسلامية، ما يعزز المبادئ ومنظومة القيم التي جاءت على ذكرها الوثيقة، وأهمها: المواطنة والشراكة والديمقراطية والتعددية وقبول الآخر واعتماد الحوار ... إلخ.
2. الملف الفلسطيني:
المواطن الفلسطيني يأمل من هنية العمل بكل طاقته لإنجاز الوحدة الوطنية، وبالدرجة نفسها يأمل المواطن من الرئيس محمود عباس زيارة قطاع غزة للجلوس المباشر مع هنية والقيادة الجديدة لحركة حماس، وفتح صفحة جديدة في العلاقات الوطنية، فالتحديات تهدد المشروع الوطني، ويجب على الجميع تحمل مسئولياته، ربما لو أقام الرئيس ومعه أعضاء اللجنة المركزية والحكومة عشرة أيام ربما يتحقق اختراق كبير في ملف المصالحة، وإنهاء أزمات قطاع غزة، أو على أقل تقدير التخفيف منها.
3. الملف الإقليمي:
الوثيقة السياسية ستمهد الطريق أمام إسماعيل هنية لإحداث اختراقات مهمة في العلاقات بالإقليم، وعلى وجه الخصوص مصر، ومعها باقي دول الرباعية العربية، وهذا سينعكس إيجابًا على قطاع غزة وعلى القضية الفلسطينية، وقد ينجح هنية في الجمع بين التناقضات على قاعدة أن فلسطين توحد العالم العربي والإسلامي، وبذلك يفتح صفحة جديدة من العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
4. الملف الدولي:
ستضع حركة حماس ضمن أجندتها العمل على رفع اسمها من قائمة المنظمات الإرهابية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لإدراك الحركة أهمية ذلك في خدمة المشروع الوطني والقضية الفلسطينية، وإنجاز ملف المصالحة الوطنية، وفتح آفاق عمل مع المجتمع الغربي لكشف جرائم الاحتلال الصهيوني وبشاعة احتلاله للأرض الفلسطينية، وربما سلوك نتنياهو بتمزيق وثيقة حماس أحد أسبابه خشية رفع اسم حماس من قوائم الإرهاب، وضرب الرواية الصهيونية التي يتبناها الكيان العبري ويعمل على تسويقها لتشويه صورة القضية الفلسطينية بكل مكوناتها أمام العالم.