بعد شهر من توقيع الإمارات اتفاقية العار والاستسلام مع الاحتلال الإسرائيلي، قال أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية: نحن على ثقة بأن التطورات التي تشهدها المنطقة مؤخرًا، وبالذات ما يتعلق منها بالقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، لن تؤثر في الإجماع العربي بشأن حتمية إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية كاشتراط أساسي لكي يتحقق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط.
أعتقد أن هذا التصريح لا يمثل وجهة نظر أبو الغيط وإنما هو توافق بين الدول الوازنة في جامعة الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية على تطبيق المبادرة العربية للسلام بالمقلوب وقد تكون منقوصة، أي تطبيع عربي شامل بين الدول العربية ودولة الاحتلال (إسرائيل) ثم بعدها تتم مناقشة القضية الفلسطينية والانسحاب الإسرائيلي من المناطق المحتلة عام 1967، فالمبادرة العربية للسلام 2002 كان الشرط الأساسي فيها هو انسحاب إسرائيلي كامل كشرط لبدء التطبيع مع الدول العربية ولكننا نرى العكس، ولا أعتقد بوجود نوايا لدى العدو الإسرائيلي للانسحاب من أي شبر من مناطق 67، كما لم يعد هناك تفكير في إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة ما دام حصل مجانًا على أمر كان يفكر في دفع ثمن له.
قد يكره بعضنا شيئًا وفيه خير لنا، حيث إن استسلام بعض الدول العربية أو حتى كلها لا يعني أن أمرًا جديدًا قد طرأ على طبيعة الأنظمة وإنما ظهر عوار كانت تحاول إخفاءه لا أكثر. الجيد أنه لم يعد هناك إمكانية أن نجعل الدول العربية وصية على شعبنا وقضيتنا، الإجماع العربي الذي كان مثل سيفًا مصلتًا على المقاومة الفلسطينية سقط ولم يعد مقبولًا من أي فلسطيني الاحتكام إلى الأنظمة العربية وإلى إجماعهم، لا يمكن للنظام العربي الرسمي أن يكون وسيطًا بين حماس وفتح في موضوع المصالحة، لأن كل من هرول إلى المحتل انفصل عن شعبه، فكل الشعوب العربية ترفض التطبيع وكل من طبع مع المحتل الإسرائيلي معزول عن شعبه بل وأصبح معاديًا له، وعروش التطبيع آيلة للسقوط ولن تدوم طويلًا.
لا بد للقيادة الفلسطينية من أن تستمع إلى صوت العقل وأن تكف عن البحث عن حلول خارج حدود الوطن، ولا بد من دعم توجه الفصائل الداعية إلى اسقاط اتفاقية أوسلو وإنجاز المصالحة الداخلية حتى تتوفر لنا القدرات الذاتية الوطنية الفلسطينية لهدم معبد المطبعين وطرد المحتلين وإقامة دولة فلسطينية على حدود 67 على أساس وثيقة الوفاق الوطني ودون اعتراف للمحتل بالشرعية على أي شبر من فلسطين.