يجمع محللون سياسيون على خروج رئيس السلطة محمود عباس من البيت الأبيض صفر اليدين، وأن الحماسة التي أبداها في البيت الأبيض لا تعبر عن واقع سياساته على الأرض.
ويؤكد المحللون، أن ترميم البيت الداخلي الفلسطيني أولى من الحديث عن تسوية سياسية مع الاحتلال، وهو ما أشار إليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صراحة حين قال "لا يمكن بدء تسوية سياسية مع الفلسطينيين قبل أن يتصالحوا داخلياً".
والتقى ترامب، أول من أمس، بعباس، الذي قال إنه يتطلع لصفقة تاريخية مع الإدارة الأمريكية لتحقيق حل الدولتين. وبينما أعرب ترامب عن رغبته في "تحقيق السلام"، طالب الفلسطينيين بالتحدث بصوت واحد "ضد التحريض وخطاب الكراهية".
إفلاس سياسي
ويرى المحلل السياسي عمر عساف، أن عباس لا يحمل رؤية بعينها، بل يستجدي بلا نتائج، واصفاً قول عباس بأنه "يعتمد على الله ثم على ترامب" بـ"الإفلاس السياسي".
وأوضح أن تصريحات عباس تنم عن عدم ثقة بالشعب الفلسطيني "وأنه لا يملك مشروعا سياسيا بل لا يزال يركض وراء سراب الحل الأمريكي".
وأشار عساف إلى أن الحل الأمريكي جربه الإقليم منذ نصف قرن، وخبرته الحالة الفلسطينية منذ 25 عاماً وأثبت فشله، ولم يعط الشعب الفلسطيني إلا الدمار والخراب.
ويرى أن عباس سيعود من أمريكا وهو لا يحمل أي جديد للفلسطينيين، وليس بيديه أي مشروع يعبر عن أدنى مطالب شعبنا.
السياسة واقع
ويوافق المحلل السياسي عماد محسن، سابقه الرأي بأن المهتمين بالقرار السياسي لا يلتفتون إلى المشاعر الحماسية، بقدر اهتمامهم بالسلوكيات على الأرض، وبالتالي فإن حماسة ترامب التي تحدث عنها عباس لن تفضي إلى حل سياسي واقعي "والمطلوب إعادة تموضع للبيت السياسي الداخلي".
وبين أن إشادة ترامب بـ"التنسيق الأمني" بين قوى السلطة الأمنية والاحتلال "لمحاربة الإرهاب" "أمر غير مطمئن ولا يحقق حلا سياسيا حقيقيا، ومن شأن ذلك تفكيك الوحدة الفلسطينية وإعادة الصراع الفلسطيني الداخلي".
وأشار محسن، إلى تجاهل ترامب للحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف بعدم ذكره حل الدولتين على حدود 67 كإطار ناظم لأي حل سياسي.
وحل الدولتين اقتراح لتسوية الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي على أساس قيام دولتين إحداهما (إسرائيل) وتقوم على أرض فلسطين المحتلة عام 1948، والأخرى فلسطين وتقوم على أراضي حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، بناء على قرارات الأمم المتحدة.
وأراضي 67 تضم أراضي الضفة وشرقي القدس وقطاع غزة وما يربطها، وتشكل 22% من مساحة أراضي فلسطين التاريخية.
وعند الحديث عن هذا الحل، لا توضح الأطراف الدولية موقفها من قضايا عديدة بينها حقوق اللاجئين، ويكتفون بإيراد تعبيرات فضفاضة عن ضرورة تحقيق حل الدولتين مع إيجاد "تسوية عادلة" لتلك القضايا الشائكة، وهو ما لا يمكن البناء عليه كما يؤكد محسن.
واستبعد محسن أن يكون ما يجري هو إعادة تجربة مؤتمر "أنابلوليس" عام 2007، موضحا أن المؤتمر أسس لعملية سياسية، بموجبها نفذ الفلسطينيون مجموعة من الاشتراطات قبل الشروع في الحل السياسي مع الاحتلال الذي لم ينفذ أيا من الشروط التي فرضت عليه.
نفى ما قبله
في حين عد المحلل السياسي د. كمال علاونة لقاء عباس – ترامب نسفا لمحددات عملية التسوية التي أقرتها لقاءات فلسطينية أمريكية سابقة.
وقال "رؤية ترامب جديدة وغامضة ولقاؤه مع رئيس السلطة لا يتجاوز لقاء تعارف وعلاقات عامة"، مشدداً على أن الإدارة الأمريكية تتبنى الرؤية الإسرائيلية القائمة على "سلام اقتصادي وتسهيلات اقتصادية للفلسطينيين مقابل سلطة حكم ذاتي محدودة الصلاحيات".
ولفت علاونة، إلى أن رؤية واشنطن لا تلبي الحد الأدنى من الطموحات الوطنية الفلسطينية، وتعامل الفلسطينيين "لا كشعب بل كجالية تعيش فوق أرض إسرائيلية"!
وأكد عدم وجود أي أفق لحل سياسي مقبل وأن ما تم رسمه للفلسطينيين هو "ملهاة اقتصادية" تبقيه بعيداً عن الحلول الجذرية، وذلك في سبيل امبراطورية اقتصادية تسعى (إسرائيل) إلى امتلاك حدودها من نهر الفرات إلى نهر النيل، ومن مدينة الرياض السعودية جنوبا وحتى جنوب دمشق في الشمال.
وشدد على أن الحل الوحيد للشعب الفلسطيني، هو استمرار انتفاضة القدس وتواصل أعمال المقاومة، كما حدث في غزة والتي أجبرت الاحتلال الإسرائيلي على الانسحاب منها.