يوم أمس، أعلنت حركة فتح، رفضها مقترح تشكيل “اللجنة المجتمعية لإسناد قطاع غزة”، والتي جاءت بطرحٍ من الجانب المصري على الفصائل الفلسطينية ضمن مجموعة لقاءات مكثفة جرت بالقاهرة في الآونة الأخيرة .
وقال القيادي في الحركة عبد الله عبد الله في تصريحٍ صحفي إنّ فتح وبعد نقاشٍ عميق أبلغت مصر رسميًا، رفضها مقترح تشكيل “لجنة الإسناد”؛ لأنه من وجهة نظرها “يُكرس الانقسام بين شطري الوطن قطاع غزة والضفة الغربية.
وجاء رفض فتح رغم مشاركة وفدها برئاسة عبد الله في اجتماعات مع حركة حماس في القاهرة الأسبوع الماضي نتج عنها الاتفاق على ورقة بتشكيل اللجنة، قبل أن تتراجع عنها.
وزعم عبد الله في تصريح صحفي، أنّ البديل يتمثل في أن تتولى منظمة التحرير الفلسطينية، المشهد والتحرك السياسي كاملًا؛ “ونحن كفلسطينيين نتفاهم على كل المصالح الداخلية.
وقال: إنّ "ليس بالضرورة أن يأخذ ضابط مخابرات الأبعاد السياسية التي تترتب على أي اقتراح، والجانب المصري سيتفهّم أسباب رفض فتح لمقترحها"، مشيرًا إلى أنّ حركته "لا تريد إغلاق قنوات الحوار مع حركة حماس، لكن التحرك الآن يجب أن تتولاه منظمة التحرير على غرار ما جرى في لبنان"، على حد قوله.
يُذكر أنّ حركة حماس أعلنت في بيانٍ صدر عنها مساء الخميس الماضي، موافقتها على المقترح المقدم من في مصر حول تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي عبر آليات وطنية جامعة، وذلك بعد لقاءات معمقة جرت مع حركة فتح في القاهرة.
رفض شعبي للموقف "الوقح"
وأثار موقف حركة فتح، انتقادًا واسعًا من فئات مجتمعية وشعبية إلى جانب عدد من الكتاب والسياسيين، خاصة وأن الموقف يأتي في ظل ما تشهده القضية الفلسطينية من أوقات صعبة، وما يعايشه سكان قطاع غزة من جرائم الإبادة الجماعية.
ويعلق الكاتب السياسي حازم عياد، بالقول إإن رفض فتح للجنة الإسناد المجتمعي صادم وغير مسؤول ولا يخدم وقف إطلاق النار، كما أنه يعزز الانقسام ويعطي الاحتلال ذرائع بأن يواصل حربه.
وأضاف الكاتب السياسي، في حوار صحفي، أن سلوك السلطة في هذا الجانب مريب جدا، وغير مريح وعليه علامات استفهام كثيرة، ذلك أن لجنة الإسناد المجتمعي جاءت بتوافق وطني من الكل الفلسطيني بما في ذلك وفد فتح المفاوض وبجهود مصرية حثيثة!.
وأضاف الكاتب عياد، "ليس من مصلحة السلطة أن تكون مفجرا للمفاوضات برفضها لجنة الإسناد المجتمعي، وعليها أن تتحمل مسؤوليتها الوطنية تجاه شعبها وأن تعيد مراجعة قرارها بشأن رفض لجنة الإسناد!".
فيما يرى الصحفي أحمد حسام، أن رفض عباس للجنة الإسناد المجتمعي في هذا التوقيت يخدم فقط موقف نتنياهو الذي كان يستخدم ورقة (ما اليوم التالي في غزة) شماعة يعلق عليها استمرار الحرب ورفضه الوصول لوقف إطلاق النار يقدمه - كـ تبرير - لحكومته والمجتمع الدولي الذي كان يضغط على نتنياهو لدفعه نحو القبول بوقف الحرب.
وأوضح أن، هذا الموقف غير المسؤول لعباس يوضح مدى التناغم بين هذه القيادة العفنة وتساوقها مع موقف الإسرائيلي الراغب باستمرار الإبادة لغزة رغم كل الجهود الدولية الضاغطة في القبول المرحلي لوقف إطلاق النار في غزة، والذي يعيقه الآن إصدار عباس مرسوم بتشكيل لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة قطاع غزة حتى تتجاوز كافة الأطراف شماعة نتنياهو!، مضيفًا، أن عباس شريك مجرم الحرب نتنياهو في الإبادة لغزة وشعبها.
فيما يقول الكاتب مهند سامي، إن فتح تعلمت الجدال والمراوغة ونقد العهود على يد اليهود بعد طول معايشة بينهم.
وأضاف الكاتب، أن فتح خاضت نقاشات واجتماعات استمرت لأسابيع في وقت يتواصل فيه إبادة شعبنا حول لجنة الإسناد المجتمعي لقطاع غزة ثم عندما وصل الجميع لمرحلة التوقيع أعلنت الحركة -بكل وقاحة - أنها ترفض اللجنة.
ما الدوافع الحقيقة لرفض فتح اللجنة؟
من الجانب القانوني، أكد المستشار القانوني أسامة سعد، أن رفض مقترح لجنة الإسناد المجتمعي بغزة من قبل رئيس السلطة محمود عباس أو اللجنة التنفيذية يدلل بشكل واضح على أن عباس لا يريد للبيت الفلسطيني أن يتم ترتيبه.
وأضاف سعد في تصريحات صحفية، أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس برفضه لمقترح لجنة الإسناد لا يريد أن يكون داعما للإجماع الوطني كما هي عادته.
وأوضح سعد أن عباس في كل مرة يتم الاتفاق على ترتيبات للبيت الفلسطيني كان يفشلها، فعلى وجه الخصوص كل اتفاقيات المصالحة مرورا بمؤتمر الأمناء العامون في بيروت ومرورا باتفاق بكين على تشكيل حكومة وحدة وطنية وانتهاء باللجنة الإدارية للإسناد المجتمعي.
وتابع، من ناحية أخرى كأن عباس لا يريد أن يكون ترتيب البيت الفلسطيني لليوم الثاني للحرب فلسطينيًا وربما لديه تصور بأن يأتي إلى غزة بقرار من الاحتلال.
واستهجن سعد سلوك رئيس السلطة محمود عباس قائلاً:" لا أدري هل هناك بقية من مناكفات لا زال يحتفظ بها عباس بعد كل ما أريق من دماء وبعد هذه الملحمة التاريخية التي مرت بها غزة ولازالت رحاها تدور حتى اللحظة".
فيما يرى قال الكاتب والمحلل الفلسطيني محمد القيق، أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قدم رفضه تشكيل لجنة "الإسناد المجتمعي" لإدارة غزة على طبق من ذهب للاحتلال.
وأضاف القيق، في حديث صحفي، أن محمود عباس لم يصدر مرسوما بانتخابات وبحكومة وحدة وطنية منذ ال7 من أكتوبر، وبالتالي الفلسطيني يدفع أثمان متمثلة بالإقصاء التنظيمي والفصائلي وثمن عدم تجديد الشرعية الفلسطينية، وهذا انعكس على غزة بمزيد من الدمار والاستفراد بها.
ورفض عباس للجنة الإدارية لغزة يدل على أن الضفة الغربية سيضمها الإسرائيلي وعامل خطر كبير على غزة بحجة عدم وجود فيها حكومة منتخبة ولا يوجد فيها تجديد شرعية ولا برلمان ولا رئيس حكومة ولا رئيس دولة، على حد قول القيق.
وبين القيق أن "عباس يلعب في مرتكزات الشارع الفلسطيني والوحدة الفلسطينية ويجب على الجميع أن يوقف هذا التصرف لأن هذا التصرف يعني أن الضفة الغربية باتت في عداد الدولة الاسرائيلية وغزة باتت ككيان معادي يريدها الإسرائيلي".
وأوضح أن الموضوع ليس لجنة وأكبر من رفضه لتشكيلها، مضيفاً :" يجب أن يكون مرسوم انتخابات عاجل للفلسطينيين أمام المجتمع الدولي لتجديد الشرعية وحفظ الحقوق الفلسطينية".
ما هي وثيقة اللجنة؟ وعلام تنص؟
نشرت صحيفة "العربي الجديد"، ما قالت إنّها نسخة من وثيقة تشكيل "لجنة الإسناد المجتمعي" لإدارة قطاع غزة، والتي توافقت عليها الفصائل الفلسطينية المجتمعة في القاهرة.
نشرت صحيفة "العربي الجديد" وثيقة لتشكيل "لجنة الإسناد المجتمعي" لإدارة قطاع غزة، التي توافقت عليها الفصائل في القاهرة. تتألف اللجنة من 10-15 عضوًا وتدير كافة المجالات، ومنها إعادة إعمار القطاع
ونصّت الوثيقة المكونة من صفحتين، على تشكيل هيئة دعم وإسناد وطنية من الجهات المحلية، تتكوّن من 10- 15 عضوًا من الشخصيات الوطنية، لتقوم بإدارة قطاع غزة، وتكون مرجعيّتها الحكومة الفلسطينية، وتضطلع بكافة المجالات الصحية والاقتصادية والتعليمية والزراعية والخدمية والحيوية، وتعمل على تشغيل معبر رفح وفق اتفاقية 2005.
وستعمل اللجنة بما يشمل أعمال الإغاثة ومعالجة آثار الحرب والإعمار، وتتشكل بالتوافق الوطني ويصدر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مرسومًا بتعيين هذه اللجنة، وتمارس مهامها وفق الأنظمة والقوانين المعمول بها.
ووضعت الوثيقة 6 محددات لتشكيل اللجنة، أولها الحفاظ على وحدة أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة على حدود عام 1967 (الضفة الغربية – القدس –غزة)، والتأكيد على التواصل بين الحكومة الفلسطينية بالضفة الغربية واللجنة في غزة، وأن تتبع اللجنة النظام السياسي الفلسطيني في الضفة وغزة والقدس، وألا يؤدي تشكيلها إلى فصل غزة عن باقي الأراضي الفلسطينية، وأن يراعي تشكيل اللجنة اختيار عناصر وطنية فلسطينية مهنية من المستقلين الكفاءات لتنفيذ مهامها، والتواصل مع جميع الجهات المحلية في القطاع والتنسيق معها والاستفادة منها بما يخدم المواطن الفلسطيني، وتستمر اللجنة في القيام بأعمالها إلى أن يتم زوال الأسباب التي أدت إلى تشكيلها، أو إلى حين إجراء الانتخابات العامة أو اعتماد صيغة أخرى متوافق عليها وطنيًا، وذلك بتوافق وطني وبقرار رئاسي.
ويتكون الهيكل التنظيمي للجنة من رئيس ونائب ومسؤولين لملفات المساعدات، والتعليم، والصحة، والاقتصاد، ومسؤول الحكم المحلي، ومسؤول إعادة الإعمار ومسؤول للتواصل مع الجهات المحلية والمنظمات الدولية، إضافة لممثل عن هيئة المعابر، بحسب "العربي الجديد".
ويوم أمس الإثنين، نقلت الصحيفة عن قيادي بارز في حركة حماس، قوله إن اجتماعات القاهرة مع ممثلي قيادة حركة فتح تشهد تقدّمًا كبيرًا نحو إنهاء العراقيل. وأن فتح وحماس توصلتا لصياغات وتصورات أنهت الخلافات بشأن بنود كانت تعيق الإعلان الرسمي عن تشكيل اللجنة.
وأشار إلى أن ما تبقى من نقاط لن تكون محل خلاف بين الجانبين حيث تعد أمورًا إجرائية، وهناك توافق عام على ضرورة انتهاز الفرصة السانحة لحسم الخلافات وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني.
ماذا تريد فتح من لجنة الإسناد المجتمعيّة؟
وحول ماذا تريد حركة فتح من هذه اللجنة، قال القيادي عبد الله: "نحن نريدها إن تكون اللجنة تابعة لإطار منظمة التحرير التي لها ولاية كاملة بالتعاون مع الأداة التنفيذية لها وهي الحكومة الفلسطينية؛ لأن اللجنة في طريقة تشكيلها ليس فيها ضوابط تضمن أو تريح التحفظات التي لدينا".
وأشار موفد فتح في نقاشات الفصائل في مصر، إلى "النموذج اللبناني"، في وقف الحرب، إذا كانت الحكومة اللبنانية هي من يتفاوض مؤخرًا، من خلال رئيس مجلس النواب، وكانت المواقف الداخلية بين الأطراف منسجمة، كما قال.
وحتى الآن لم تُعلن فتح عن موقفها الرسميّ النهائي. فيما قال القيادي في فتح عبد الله عبد الله، إنه تم يوم أمس السبت عقد اجتماع اللجنة التنفيذية، لمنظمة التحرير، وعقد اجتماعات أخرى للتشاور، وتبلور لدينا مواقف بأن هذه اللجنة يجب الاتفاق على طريقة تشكيلها، بحيث نضمن عدم تكريسها للانقسام، وضمان أن تكون ممثلة للكل الفلسطيني من خلال منظمة التحرير.
وكانت حركة حماس أعلنت الخميس الماضي، موافقتها على مقترح مصري بشأن تشكيل "لجنة الإسناد المجتمعي" لإدارة قطاع غزة، الذي يشهد حرب إبادة إسرائيلية منذ أكثر من عام.
وقالت حماس في بيان: "اختتم وفد قيادة حركة حماس لقاءاته في العاصمة المصرية القاهرة، حيث أجرى الوفد حوارًا معمّقًا مع حركة فتح حول تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة على طريق تطبيق ما تم التوافق عليه وطنيًا من اتفاقات شاملة لتحقيق الوحدة الوطنية والإنهاء الكامل للانقسام وآثاره المتعددة".
وأضافت حماس: "أبلغ الوفد موافقة الحركة على المقترح المقدم من الأشقاء في مصر حول تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي عبر آليات وطنية جامعة".