أكد وزير التعليم الإسرائيلي يوآف غالانت أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، بحضور رئيس جهاز الموساد يوسي كوهين الأحد الماضي، خلال زيارة سرية إلى السعودية، في حين نفى وزير الخارجية السعودي الخبر.
بعيدًا عن جدل التأكيد أو النفي حول الزيارة، وأهدافها، فإن السؤال المركزي هل فعلًا السعودية بحاجة إلى (إسرائيل) لمواجهة المشروع الإمبراطوري الإيراني؟ ما عناصر القوة لكلتا الدولتين (أيتهما أقوى)؟ وماذا ستضيف (إسرائيل) للسعودية ضد إيران؟
أولًا- السعودية وإيران: تحليل جيوبوليتيك.
التحليل الجيوبوليتيكي يهدف إلى استكشاف عناصر القوة والضعف لكل من السعودية وإيران.
1. المملكة العربية السعودية:
تبلغ مساحة المملكة العربية السعودية 2.149.690 كيلومتر مربع، وهي تعد حسب تصنيف باوندز من الدول الكبيرة جدًّا، ويبلغ طول حدودها البرية 4410 كم، وحدودها البحرية 2510 كم، وعليه فإن الحدود البرية للمملكة تسود بشكل بسيط عن الحدود البحرية، ويتطلب ذلك من وزارة الدفاع السعودية الاهتمام بتطوير قدرات القوة البحرية التي تمتلكها لحماية أمنها القومي وفضائها الإقليمي.
يبلغ تعداد سكان المملكة العربية السعودية حسب إحصاءات عام 2013، ما يقارب 29 مليون نسمة.
سبع دول عربية تشترك بحدود مع المملكة هي: (اليمن -الأردن -قطر -الكويت -عمان -الإمارات -العراق) مجموع تعداد سكان دول الجوار السبع هو: (82.806 مليون نسمة)، وبذلك كل مواطن سعودي يقابله 2.9 من مجموع تعداد دول الجوار، وهذا على مستوى القوة الديموغرافية عنصر قوة، ولكن عند النظر في تركيبة دول الجوار نرى أنها بمجموعها عنصر قوة إيجابي بالنسبة للمملكة حيث الترابط من ناحية اللغة -الدين (المذهب) -القومية -المصالح المشتركة.
يُضاف لما سبق أن أربع دول تحد المملكة وتشترك معها ضمن مجلس التعاون الخليجي.
أما عناصر القوة الاقتصادية للمملكة العربية السعودية فقد وصل الناتج المحلي الإجمالي لـ 748 مليار دولار عام 2013، وبذلك يصبح نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي 26.260 $، وتمتلك المملكة خمس الاحتياطي العالمي من النفط 20% .
يُضاف إلى ذلك وجود الأماكن الإسلامية المقدسة، والتي تشكل مانعًا لأي عدوان يستهدف المملكة لأنه قد يستفز جموع المسلمين المنتشرين في أرجاء المعمورة.
2. الجمهورية الإسلامية الإيرانية:
تمتلك إيران من الناحية الجيوبوليتيكية، مقومات وعناصر قوة كبيرة، حيث تبلغ مساحة إيران 1.648.000 كيلومتر مربع، وهي تعتبر حسب تصنيف باوندز من الدول الكبيرة جدًا، حيث يبلغ طول حدودها البرية 2450 كم، وطول حدودها البحرية 2500 كم، ومن الملاحظ هنا أن إيران تتعادل طول حدودها البرية مع حدودها البحرية، وهذا يكشف أسباب اهتمامها في تطوير قدرات قواتها البحرية والبرية بشكل ملموس.
تشترك مع إيران في حدودها سبع دول هي: (باكستان -أفغانستان -العراق -تركمانستان -أذربيجان -أرمينيا -تركيا).
يبلغ عدد سكان إيران ما يقارب 77 مليون نسمة، بينما يبلغ تعداد سكان الدول المجاورة لإيران 338 مليون نسمة، يقابل كل فرد إيراني 4.4 أفراد من الدول المجاورة، وهي نسبة مقبولة على صعيد القدرات البشرية، وتشكل عنصر قوة لطهران.
أما على صعيد القوة الاقتصادية فإجمالي الناتج المحلي الإيراني وصل إلى 369 مليار دولار، ووصل متوسط نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي 5.780$.
أما من الناحية الجيوإستراتيجية تشترك إيران مع سلطنة عمان في التحكم بمضيق هرمز، وتكمن أهمية المضيق الإستراتيجية للغرب بنقل 40% من النفط إلى دول العالم، كذلك تطل إيران على بحر قزوين الغني بالنفط والغاز الطبيعي، ويجعل إيران لها نفوذ في آسيا الوسطى، وهذا ما يفسر العلاقات الجيدة بين إيران وروسيا الاتحادية، إضافة إلى تمدد النفوذ الإيراني للسيطرة على مضيق باب المندب بعد انقلاب الحوثيين وسيطرتهم على العديد من المحافظات اليمنية، ونجاح طهران من التغلغل في منطقة إفريقيا وتحديدًا في إريتريا التي تطل من الناحية الجنوبية على مضيق باب المندب، وتملك طهران قاعدة عسكرية بحرية بها؛ ما عزز الطموح الإيراني بالهيمنة على المنطقة وتهديد خطوط الملاحة في قناة السويس متى شاءت إيران، وهذا يفسر توجهات المملكة العربية السعودية في الذهاب نحو عملية عاصفة الحزم لضرب المشاريع الإمبراطورية الإيرانية.
في الختام لا بد من الإجابة عن سؤال المقال، من يمتلك عناصر قوة أفضل: المملكة العربية السعودية أم إيران؟
السعودية تمتلك مقومات وعناصر قوة على كل المستويات الديموغرافية والجغرافية والاقتصادية، تفوق ما تمتلكه إيران لو أحسنت المملكة استثمار كل عناصر القوة التي بيدها، فعلى سبيل محيطها الجغرافي فهو متجانس من كل النواحي، على عكس إيران التي تحيطها دول سنية، والدولة الشيعية الوحيدة وهي أذربيجان تربطها علاقات متوترة مع إيران.
العراق هي الدولة الوحيدة التي تجاور كلًّا من إيران والسعودية، وستعمل إيران على إحكام سيطرتها على العراق بكل الوسائل، وهو ما يفسر أن العراق بؤرة صراع إقليمي.
ثانيًا: (إسرائيل) وحلف ناتو عربي:
(إسرائيل) هي التي تحتاج إلى السعودية لما تمتلكه من رمزية ومن عناصر قوة، وتريد (إسرائيل) من بناء علاقة مع المنطقة العربية عمومًا والسعودية على وجه الخصوص ثلاثة أشياء:
منح التطبيع شرعية دينية لما تمثله المملكة من رمزية ومكانة عند المسلمين بالإضافة إلى الشرعيات الأخرى التي تخدم الاحتلال أكثر ما تخدم مصالح المملكة.
دفع المملكة للمواجهة مع إيران ما سيضعف كلا الدولتين ويحقق لـ(إسرائيل) تفوقًا في منطقة الشرق الأوسط.
فتح ملف تعويض اليهود الين كانوا متواجدين في المملكة منذ زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وابتزاز المملكة في هذا الملف ومقايضته في ملف اللاجئين الفلسطينيين.
الخلاصة: أنصح دول المنطقة وعلى رأسها السعودية بألَّا تنزلق نحو ما تقدمه (إسرائيل) من رؤى وتضخيم للتهديد الإيراني، كما أنني أدعو طهران لأن تتبنى سياسة خارجية تصالحية لأن دون ذلك فإن (إسرائيل) ستهيمن على المنطقة، وحينها لا ينفع الندم، فمن تابع مسار عملية السلام مع (إسرائيل) يعلم حقيقة هذه الدولة وما سقف ما يمكن أن تقدمه للدول العربية التي أبرمت معها اتفاقيات سلام.