عبر تغريدة أطلقها عضو اللجنة المركزية لفتح ووزير الشؤون المدنية حسين الشيخ على تويتر، أعلن فيها قرار السلطة الفلسطينية العودة للعمل في الاتفاقيات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، في الوقت التي كان يقود عضو اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل رجوب حوارًا مع حركة حماس برعاية مصرية، وحسب تصريحات الرجوب بأنه لم يكن يعلم بتوجهات السلطة الفلسطينية بالعودة للاتفاقيات.
السؤال هو: ما مبررات السلطة الفلسطينية للعودة إلى الاتفاقيات مع إسرائيل؟ وما دلالات التوقيت؟ وما هي تداعياتها؟
حالة إجماع فلسطيني ما عدا حركة فتح (الرسمية) ترفض خطوة الرئيس محمود عباس بالعودة إلى الاتفاقيات مع "إسرائيل"، وهذا الإجماع الوطني له سبب سنتحدث عنه لاحقًا ضمن هذا المقال، لكن نعود إلى السؤال الذي تستمد السلطة الفلسطينية وحركة فتح منها مبرراتها المعلنة لوسائل الإعلام وأهم مبرر تستند إليه القيادة الفلسطينية مرتبط بالأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة التي تعانيها السلطة الفلسطينية نتيجة رفضها لتسلم أموال المقاصة، وأثر ذلك على مستقبلها، وعلى الواقع المعيشي لموظفيها، أيضًا التباين بين أقطاب اللجنة المركزية لحركة فتح حول إدارة المشهد السياسي في زمن بايدن، فهناك من يرى بالعودة إلى الاتفاقيات أساس في تحسين مركز السلطة الفلسطينية ماليًا وسياسيًا واقتصاديًا، وتبقى المصالحة مسألة مهمة ولكنها لا تتعارض مع الأولى وليست أهم منها، أما التيار الآخر فيؤمن بأن الذهاب إلى بايدن موحدين أقوى وأفضل بكثير من الذهاب له وحالة الانقسام قائمة.
انتصر التيار الأول في حركة فتح ويقوده السيد حسين الشيخ وآخرون، حيث اقتربت الأمور من النقطة صفر، ولو كانت النوايا سليمة للتيار الأول في حركة فتح لربما تأجل موعد التغريدة لعدة ساعات فقط، أو تم اتخاذ قرار تسلم أموال المقاصة بطريقة أقل فجاجة مما حصل، وظهرت حركة فتح في مواجهة المجموع الوطني الفلسطيني، وسبب ذلك هو توقيت العودة إلى الاتفاقيات، بالإضافة إلى مجموعة من الأسباب على النحو الآتي:
اتخذ قرار العودة منفردًا من الرئيس عباس، أما كان قرار التحلل ووقف العمل بالاتفاقيات هو قرار مؤسسي صادر من المجلسين الوطني والمركزي، وأُكِّد أيضًا في مؤتمر الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية.
في نفس اليوم الذي زف السيد حسين الشيخ خبر (الانتصار) كانت "إسرائيل" تطرح عطاءات لبناء 1257 وحدة استيطانية في القدس.
الشكل البروتوكولي المهين للرسالة الموجهة من جنرال يقود الإدارة المدنية إلى المستوى السياسي الفلسطيني، والمحتوى الذي لا يشير إلى تراجع نتنياهو عن أي خطوة تهدد حل الدولتين.
جاء القرار بعد تخوين لدول قامت بالتطبيع (الإمارات -البحرين) ثم رافق القرار عودة السفراء إلى الدولتين، وهو ما يفهم ضمنًا أن ضوءًا أخضر من السلطة الفلسطينية إلى الدول التي تريد أن تطبع.
جاء القرار والفلسطينيون ينتظرون بشريات تخرج من القاهرة تنهي الانقسام وتعيد الوحدة الوطنية التي هي صمام أمان لحماية المشروع الوطني الفلسطيني.
إن خطوة السلطة الفلسطينية بالعودة إلى الاتفاقيات والمراهنة المطلقة على فوز جو بايدن بالانتخابات الأمريكية ستلقي بتداعياتها على المشهد السياسي الفلسطيني، فنحن أمام انقسام ناعم لأربع سنوات أخرى، وأقول ناعم لأن بايدن هو انعكاس لمدرسة باراك أوباما، حيث ستتدفق الأموال للسلطة وستصرف رواتب كاملة، ويتحسن الواقع المعيشي للسكان، على عكس الانقسام الخشن في زمن ترامب والعقوبات التي فرضت في ذلك الوقت على غزة.
ومن أخطر التداعيات هو ما يمكن أن تذهب إليه الفصائل الفلسطينية، لأن حالة اللا خيار لم تعد مقبولة شعبيًا وهذا سيضع الفصائل الفلسطينية أمام مفترق طرق، فإما أن تتبع سياسة الرئيس عباس، وإما اتخاذ قرارات صادمة ومؤثرة تتجاوز القول إلى الفعل المؤثر، وقد يسأل البعض مثل ماذا؟ أقول إن المسؤولية تقع عليهم في تحديد هذا التوجهات، لكن الصمت والمراوحة في المكان لم تعد مقبولة في وقت يطحن الفلسطيني في كل أماكن وجوده نتيجة الصمت على السياسات الخاطئة.