حسب مصادر فلسطينية تقرر اجتماع لممثلي وزارة المالية الفلسطينية أمس الأربعاء مع ممثلين عن وزارة مالية العدو الإسرائيلي لترتيب تسلم أموال الضرائب التي تحتجزها "إسرائيل" منذ حوالي ستة أشهر، ويأتي ذلك بعد تدخل دول أوروبية وعربية نجم عنه إعلان السلطة عودة العلاقات مع "إسرائيل" لا سيما التنسيق الأمني والمدني حسب المصادر.
في مقال لي قبل بضعة أيام بعنوان "بانتظار مرسوم الانتخابات"، قلت إن جهود المصالحة الحالية لا تختلف عن سابقاتها، وإن السلطة سوف تتراجع وتعيد علاقاتها كما كانت مع جامعة الدول العربية ومع المطبعين ولا بد أن يسبق ذلك إعادة العلاقات مع المحتل الإسرائيلي، ولكنني حذرت في مقال آخر من أن تعيد السلطة تلك العلاقة دون اشتراطات والاكتفاء ببعض القشور لذر الرماد في العيون مثل إعادة الدعم المالي للسلطة وإعادة فتح مقرات منظمة التحرير، ويبدو أن هذا ما يحدث وقد تحققت مخاوفنا، وقد رأينا أن السلطة لا يمكنها الصمود دون دعم مالي، لذلك كان اجتماع ممثلي وزارتي المالية أول خطوة تنفيذية وقبل مرور 24 ساعة على إعلان عودة العلاقات بين الطرفين.
عندما يصعد السياسيون إلى أعلى الشجرة للمناورة فإنهم يحتاجون إلى سلم لينزلوا عنها، ولكن السلطة نزلت دون سلالم ولذلك أتوقع أن يصيبها الكثير من الأذى. يقال إن محادثات دولية سبقت إعادة العلاقة مع دولة الاحتلال، وإن النرويج تدخلت، ولكن يبدو أن الأمر لا يتعدى رسالة أرسلها الوزير حسين الشيخ مفادها: "ايش يا جماعة بعدكم ملتزمين بالاتفاقات؟"، فجاء الرد من الطرف الإسرائيلي: "احنا ملتزمين ولكن انتم ترفضون استلام الأموال"، وانتهت القصة، وانتهت معها جهود المصالحة وآمال شعبنا بالوحدة الوطنية إلى إشعار آخر.
اعذروني على استحضار ما كتبته في الأسبوع الأخير، فكما توقعت عودة العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي بسرعة ودون شروط، فإنني ما زلت أؤكد ما قلته سابقًا بأن ذلك لن يكون نهاية المطاف بالنسبة لمن يعلقون آمالهم على المصالحة، فالفرج سيأتي من طريق آخر وسيتم رفع الحصار عن قطاع غزة وستعود الحياة إلى طبيعتها، وحينها ستجد منظمة التحرير نفسها مرغمة على التصالح مع حماس، ليس بدوافع ذاتية وإنما بضغوط خارجية، لأن المتآمرين على غزة لا يمكنهم تركها لفصائل المقاومة، فالمنطق يقول إن المصالحة لن تتم إلا إذا قرر المحتل الإسرائيلي رفع الحصار عن قطاع غزة بقوة المقاومة، فإذا رفع الحصار فاعلموا أن المصالحة قد تحققت، وإذا رأيتم تقدمًا حقيقيًّا في المصالحة فاعلموا أن العدو قرر رفع الحصار والله المستعان.