فلسطين أون لاين

ماذا يعني إقامة مستوطنة جديدة على حدود غزة في مرمى المقاومة؟

لم يكن خبرًا مفاجئًا أو صادمًا للمراقبين، فلم تكن المرة الأولى في الثامن من نوفمبر 2020 التي يعلن فيها رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نية حكومته إقامة مستوطنة على حدود قطاع غزة، حيث أن الفكرة عرضت في شهر يونيو 2018 خلال ذروة مسيرات العودة، كرد فعل من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي على المسيرات التي أعادت فكرة العودة وسيناريو اقتحام الحدود إلى المشهد، وجعلت الفلسطيني يرى بعينيه حقول أرضه التي تغتصبها مستوطنات الغلاف، وقد كان يراها بمنظار المقاومة تحت غطاء الليل! بل إن وزير التعليم الصهيوني يوآف غالانت قال بأن الفكرة عرضت أول مرة عام 2017.

ورغم أن مستوطنة "حانون" المقترحة لن تبعد سوى 7 كم عن السلك الأمني شرق غزة، ما يجعله في مرمى قذائف الهاون التقليدية للمقاومة الفلسطينية؛ إلا أن نتنياهو يريد أن يقول لخصومه السياسيين في الائتلاف الحاكم والمعارضة على حدٍّ سواء بأنه يُمسك بزمام المبادرة دائمًا، وفي المقابل يقول للناخبين بأنه الوحيد القادر على اتخاذ قرارات حساسة لا يمكن لأحد غيره اتخاذها، كما فعل سابقًا فيما يتعلق بقرار ضم الجولان، واعتبار القدس عاصمة للاحتلال مع نقل السفارة الأمريكية إليها، وفتح إفريقيا أمام الاقتصاد والسياسة الإسرائيلية، إضافة إلى المشروع الكبير المتعلق بصفقة القرن وضم الضفة الغربية، ثم جلب عديد الدول العربية إلى حضن التطبيع الإسرائيلي! ومعلوم أن نتنياهو يجيد الحرب النفسية ضد خصومه بالتزامن مع براعته في الدعاية الانتخابية المستمرة، في محاولة للتغطية على مشاكله القضائية التي تلاحقه منذ سنوات والتي تكللت بلائحة اتهام ثلاثية تشمل الرشوة والاحتيال وإساءة الأمانة.

من الناحية الاستراتيجية؛ لا يبدو إقامة هذه المستوطنة سلوكًا مستحدثًا في غلاف غزة ناهيك بأن يكون غريبًا في الضفة الغربية، فمستوطنة حانون ستكون امتدادًا إداريًّا وأمنيًّا للمجلس الاستيطاني الإقليمي "سدوت هنيغف"، مع إضافة نحو 500 عائلة يهودية جديدة، وعليه فهي توسع استيطاني ولكن هذه المرة بغلاف سياسي وبروباغاندا إعلامية تستهدف الداخل أكثر من الخارج. ومع استحضار أنه على مدى 38 عامًا جثمت 21 مستوطنة داخل قطاع غزة تم إجلاؤها عام 2005 بفعل المقاومة، التي لم تكن يومها تمتلك أكثر من قذائف محلية الصنع لا تستطيع أن تصل إلى أهدافها العشوائية داخل مستوطنات غلاف غزة! أما اليوم فإنها تملك قوة عسكرية يقول عنها العدو الإسرائيلي أنها مبنية على أساس تشكيلات الجيوش، متعددة الأركان والتخصصات، وجعلت جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد أكثر من سبعة عقود أن يغير استراتيجيته العسكرية في التدريب والمناورة من الهجوم إلى الدفاع. أما اليوم فإن المقاومة الفلسطينية قد أجبرت جيش الاحتلال الإسرائيلي على إعداد خطة إخلاء تشمل 30 مستوطنة في غلاف غزة خلال أي مواجهة عسكرية معها. علمًا أنه ومنذ العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014 لم يحدث تصعيدًا واسعًا أو مواجهة عسكرية كبيرة، بل كانت ثلاثة جولات تصعيد بمعدل 72 ساعة للجولة. كانت الأولى في مارس 2019، واستمرت يومين، والثانية في مايو من نفس السنة وكانت الأعنف إثر اغتيال جيش الاحتلال الإسرائيلي للقائد الميداني في كتاب القسام حامد الخضري، والثالثة كانت بعد اغتيال القيادي في سرايا القدس بهاء أبو العطا في نوفمبر 2019 واستمرت 3 أيام.

إن أي مستوطنة لن تكون سوى رقمًا إضافيًا في قائمة الأعباء الأمنية لجيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي يدرك أن المقاومة الفلسطينية ترصد كل متر مربع داخل مستوطنات غلاف غزة، استعدادًا للمعركة القادمة والتي لا أحد يمكنه أن يتنبأ بها في ظل استمرار تنصل الاحتلال من التزاماته تجاه غزة وشعبها المحاصر، فمنذ مسيرات العودة ربطت المقاومة الفلسطينية حالة الهدوء في غلاف غزة بضمان احتياجات سكان قطاع غزة الاجتماعية والاقتصادية اليومية كمواطنين غير مقاتلين، وأما حالة الاحتراب ستبقى قائمة بين الاحتلال والمقاومة على أساس الضغط وتكافؤ الردع في ظل اختلال موازين القوة الطبيعية.