طالب الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني "فدا" الرئيس محمود عباس بمحاسبة الدكتور محمود الهباش على تعليقه على اتفاقية العار سيداو، وقوله: "إن فيها ما يخالف الشريعة الإسلامية"، وعد "فدا" مكمن الخطورة في تصريحاته محاولة صياغة الثقافة الوطنية الفلسطينية على مقاس الشريعة الإسلامية، علمًا أن الشريعة السمحة التي نحترمها ونحترم كل الشرائع السماوية الأخرى هي أحد مكونات هذه الثقافة التي هي أشمل من ذلك "حسب وصفهم"، وتتسع لكل ما هو حضاري وتاريخي وإنساني وتنفتح وتواكب كل ما وصلت إليه البشرية في عالمنا المعاصر.
حزب فدا يقول إنه يحترم الديانات السماوية ولا يفرق بين ديانة وأخرى، وهذا كلام مقبول من ملحد أو وثني أو عبدة العجل، ولكن غير مقبول من شخص مسلم أو شخص يرفض "مبدأ التكفير". نحن نحترم الديانات الأخرى ولكن الإسلام ديننا نعتنقه ونعتقده ونحتكم إليه، ولا يجوز أن نساوي بينه وبين الديانة اليهودية على سبيل المثال.
أما مسألة الانفتاح والاتساع لكل ثقافة وتاريخ فهذه خزعبلات لا مكان لها على أرض الواقع، فالمجتمع الفلسطيني مثل أي مجتمع مسلم آخر يرفض أن يتحول إلى مكب لكل ما هو قذر، فنحن نقبل كل طيب يوافق شريعتنا، ونرفض كل خبيث يتعارض معها. لدينا ضوابط ومعايير ولا تحكمنا فوضى المبادئ والتلاعب بالمصطلحات، ثم ما الذي نواكب فيه كل ما وصلت إليه البشرية في عالمنا المعاصر؟ هل نسعى إلى نقل العلوم المفيدة عن الغرب أم نحن فقط نستورد الراقصات والفنانات وكل ساقط وساقطة في الوطن العربي والغرب؟
أنا لن أعلق على عدم استيعاب حزب فدا مفاهيم مثل الثقافة والحضارة والإنسانية، وغيرها، ولكن على فدا أن يستوعب حقيقة واحدة أن الشريعة الإسلامية خط أحمر وليس الدستور الفلسطيني، ولا أي قانون وضعي، ونحن كمسلمين ثقافتنا مستمدة من الحضارة الإسلامية، فلا يعتقد البعض أن ثقافتنا وتراثنا هما كوفية ودبكة صبي مع صبية. على فدا أن يكون على ثقة تامة أنه لن ينجح في إقصاء الشريعة الإسلامية ولا أي جزء منها، وسيداو لن تمر ولن تطبق في فلسطين، ومن ترهقه حياة الالتزام والأخلاق الحميدة فعليه أن يبحث عن مكان آخر يتاح له تلبية كل رغباته وملذاته الدنيوية.