تتحرك قوى الشر بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضد الفلسطينيين وقضيتهم بسرعة غير مسبوقة على كل الجبهات، بالتوازي مع تغول للاحتلال الإسرائيلي على أراضي الضفة الغربية والقدس، إلى جانب استمرار الحصار الخانق لقطاع غزة، وأمام هذه المستجدات والتحديات الخطيرة لا نجد أي تغيير يذكر على الحالة الفلسطينية, فمن المفترض أن نكون قد رتبنا البيت الفلسطيني ووحدنا صفوفنا ووضعنا خططنا للتعامل بجدية مع التحديات الداخلية والخارجية.
الرئاسة الفلسطينية ما زال لديها الأمل في مجلس الأمن والأمم المتحدة لإعادة المفاوضات إلى سابق عهدها، وتدعو إلى مؤتمر للسلام، وتؤكد تمسكها بعلاقات حسنة مع أنظمة عربية سددت لنا الطعنات تلو الطعنات، حتى إنها تمنع الرد عليها أو انتقادها احترامًا لسيادة تلك الدول، وهذا يفسر عدم وجود نتائج حقيقية لجهود المصالحة بين فتح وحماس، وكأن ورقة المصالحة تستخدم فقط لتهديد أطراف خارجية، وهذا كلام قلناه سابقًا وأكدنا أنه لن ينجح مطلقًا، لأن كل الأطراف ومنها العدو الإسرائيلي وراعي "السلام" الأمريكي والدول العربية قطعت شوطًا طويلًا مبتعدة عن اتفاقية أوسلو وحل الدولتين، الذي لم يعد له وجود إلا في مخيلة قادة منظمة التحرير الذين بلغوا من الكبر ما بلغوا وليس لديهم المتسع لملاحقة سراب السلام.
أما الحكومة فهي تعمل ولا تعمل، تشجب وتستنكر وتعد بحلول وتمني الموظفين، ولكن المحصلة "لا شيء"، أما الوزراء فكلٌّ منهم مشغول بما يهمه، ذاك يستهلك وقته بالدفاع عن المرأة وحقوقها، وآخر عن الثقافة ومتطلباتها، وثالث لا أدري أين وصل، بالمختصر: كلٌّ منهم مشغول بشيء لا علاقة له بالتحديات الحقيقية.
أما فصائلنا -إلا حماة غزة- فلكلٍّ منها ما يشغله، إذ تصبح حادثة هنا أو هناك أكبر من صفقة القرن، وتحشد لها الحشود ويسخر لها الإعلام وكأن تلك الحادثة هي محور الصراع والقضية الفلسطينية، والأصل أن تعود الفصائل والقيادة والحكومة إلى أساس القضية ولب الصراع، وأن يكون هناك وحدة صف وموقف وفعل أمام الجرائم التي يمارسها المحتل الإسرائيلي، والخيانات التي ترتكبها بعض الأنظمة العربية، وتوكلوا على الله (عز وجل) بدلًا من التوكل على مجلس إرهاب وأمم متحدة ضد شعبنا ومصالحنا وقضيتنا.