قال وزير خارجية السودان المكلَّف قمر الدين إنَّ ما تمَّ يوم الجمعة مع "إسرائيل" هو اتفاق حول التطبيع وليس تطبيعًا، وإنَّ الموافقة على التطبيع ستُتخذ بعد اكتمال المؤسسات الدستورية، فالحكومة غير قادرة على التطبيع بذاتها، وتنتظر التصديق البرلماني.
نلاحظ أنَّ هناك تفاوتًا في طريقة الأنظمة العربية المطبِّعة مع المحتل في تنفيذ أوامر الرئيس الأمريكي ترامب، فالإمارات مثلًا نفَّذت الأمر وكأنه إحدى أمنياتها، فارتماؤها في أحضان العدو لا يشبه التطبيع، بل هو أقرب إلى عودة عاشقَيْن بعد فراق طويل وصعب، أما البحرين فيبدو أنَّ تطبيقها أوامر ترامب احتاج إلى بعض الضغوط الأمريكية، ليس كرهًا في التطبيع من جانب النظام الرسمي، ولكن بسبب الخشية من موقف الشارع البحريني وبعض الأحزاب القوية المؤثرة داخلها، ولذلك أعلنت البحرين أن أي خطوة مستقبلية ستتخذها فيما يتعلق بالتطبيع لا بد أن تحظى بموافقة مجلسي الشورى والنواب اللذين اعترضا على التوقيع المفاجئ لها على اتفاقية التطبيع مع الاحتلال برعاية أمريكية.
أما الحكومة السودانية تواجه صعوبات أكبر في تمرير التطبيع والعمل الخياني لأن بقاءها مرهون بدعم الأحزاب السياسية لها، مثل حزب الأمة الذي هدد بسحب دعمه ومساندته الحكومة إنْ هي أعلنت موافقتها على التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، في حين تخشى الشارع السوداني الذي يكره المحتل الإسرائيلي كراهيته للطاعون، ولذلك هناك مخاوف من تجدد الثورة في السودان لقلب الموازين من جديد.
لن يكون هناك تطبيع سهل في السودان، فالحكومة الانتقالية ربطت التطبيع مع موافقة البرلمان، والإمارات تعتقد أنها قادرة على شراء أصوات النواب في البرلمان السوداني كما فعلت في البرلمان التونسي رغم فشلها في شراء ذمم التونسيين. حتى لو صوَّت البرلمان لصالح التطبيع مع دولة الاحتلال فإنَّ القرار الحقيقي والكلمة الفصل للشارع السوداني، ونحن نراهن على الشارع العربي -سواء في السودان أو الخليج أو أي بلد آخر- في إفشال مخططات العدو الإسرائيلي والرئيس الأحمق دونالد ترامب.
نحن على يقين بأن فلسطين لن تتحرر، ولن تشرق شمس الحرية، ولن ترفرف راية الحق فوق المسجد الأقصى حتى يتبين الحق من الباطل، والمصلح من المفسد، والطيب من الخبيث، وما يحدث من انقلاب على الثورات العربية، وهرولة للتطبيع مع الاحتلال، وفشل اتفاقية أوسلو إلا من أجل تحقيق هذا الشرط، وهذه مرحلة قصيرة لن تطول حتى نصل مرحلة تحرير الأوطان العربية وتحرير فلسطين إن شاء الله.