حذَّرت منظمة الصحة العالمية من موجة جديدة لفيروس "كورونا" المسبب لمرض "كوفيد-19" في قطاع غزة، خلال فترة لا تتعدى شهرًا، حال استمرار عدم التزام المواطنين بالإجراءات الوقائية المعلنة من وزارتي الصحة والداخلية والمؤسسات الصحية المحلية والدولية.
وأكد مسؤول فرع المنظمة الأممية في قطاع غزة الدكتور عبد الناصر صبح، أن نجاح الإجراءات الوقائية في الحد من انتشار الفيروس يرتكز أساسًا على مدى وعي المواطن والتزامه بالإجراءات.
وأوضح صبح في حوار لـ"فلسطين"، أن تخفيف الإجراءات بغزة يرتبط بضغط المجتمع إثر تردي الظروف الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية بعدما أصبحت الأوضاع العامة بين نار انتشار الفيروس ونار الجوع والفقر الذي يأخذ منحى تصاعديًا.
وبناءً على ذلك، بحسب صبح، تلجأ الجهات المسؤولة بغزة ومن خلال الإحصاءات والأرقام للتخفيف تارة وتشديد الإجراءات تارة أخرى وفق المنطقة ومعدل انتشار الفيروس، والحالات المصابة.
وأضاف: أن تخفيف الإجراءات الصارمة مبني على دراسات تشمل أعداد الحالات الايجابية مقارنة بالتعداد السكاني؛ وجغرافيًا ضمن الخارطة الوبائية والمناطق التي يكثر فيها انتشار الفيروس.
لكه نبَّه إلى أن وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية، يتوقع أن يشهد قطاع غزة ارتفاعا في الحالات المصابة بـ"كوفيد-19"، وبناءً على ذلك توقع د. صبح فرض المزيد من الإجراءات الصارمة مستقبلاً حال انتشار الفيروس.
وأعلن في غزة عن اكتشاف إصابات بفيروس "كورونا" نهاية آب/ أغسطس الماضي، لأول مرة منذ أن غزت الجائحة غالبية دول العالم انطلاقًا من جمهورية الصين، وذلك بعد سلسلة إجراءات شملت إغلاق معبر رفح، وحجر جميع العائدين في مراكز مخصصة وعدم السماح لهم بالعودة لمنازلهم بعد التأكد من عدم إصابتهم.
وأكمل د. صبح: يتوقع أن تشهد الفترة المقبلة معدلا أكبر من الإصابات لدرجة تدفع وزارتي الداخلية والصحة العودة إلى إجراءات صارمة للحد من الانتشار، مؤكدًا أن شأن غزة شأن الدول الأخرى، التي تتبع إجراءاتها في التخفيف والتشديد.
وذكر أن المنظومات العالمية تعمل بناءً على قدرة النظام الصحي ومعدل انتشار الحالات، وما دام انتشار الحالات المصابة تحت سيطرة وقدرة المنظومة الصحية تبقى الإجراءات مخففة، لكن إذا وصل انتشار الفيروس إلى حد يهدد قدرة المنظومة ويوصلها إلى مرحلة لا تقدر فيه على الاستجابة لمكافحته وانتشار الحالات المصابة، فإن الاغلاق يكون بصورة أكبر.
وأكد ضرورة الحفاظ على هذا الميزان لتفادي ظهور حالات مصابة تتجاوز الامكانيات الصحية بغزة، رافضًا مبدأ تعامل المواطن مع الإجراءات الوقائية من ناحية أمنية أكثر مما هو صحيًا، بمعنى إذا شاهد المواطن شرطيا أو تهديدا بمخالفة يلتزم بالإجراءات، والعكس.
وأكد أن جائحة "كورونا" جاءت على المنظومة الصحية تزامنًا والحصار المفروض على غزة والضائقة المالية والمعيشية للسكان، وقد زاد فرض الإجراءات الصارمة من أعباء المواطنين: "لكن لا بد من هذه الإجراءات لحماية المجتمع والناس الأكثر تضررًا والتي قد تودي بحياتهم حال انتشر الفيروس بصورة كبيرة".
وشدد على أن فيروس "كورونا" أثقل المنظومة الصحية وهي أساسًا بالكاد تؤدي الخدمات في ظل ضعف الموارد، بعدما اكتشف انتشار الفيروس داخل المجتمع وأدى ذلك إغلاق مراكز صحية وتقليص بعض الخدمات في المستشفيات حتى تتمكن الفرق الطبية من مواجهة الفيروس.
وأشار إلى أن الجائحة أدت إلى اغلاق أكثر من نصف المراكز الصحية التي تقدم خدمات الرعاية الصحية الأولية للمواطنين، وأدى ذلك إلى تأجيل جدول التطعيمات بينما تأثرت رعاية الأم والطفل، كما تأخر تقديم الخدمات للمواطنين الذين يعانون من أمراض مزمنة.
ودفعت الجائحة هذه الفئة، إلى اللجوء لمراكز أكثر بعدًا بعدما وجدوا المراكز الصحية التي يراجعون فيها مغلقة، بحسب مسؤول فرع منظمة الصحة العالمية بغزة.
ونبَّه إلى أن ذلك من شأنه أن "يؤثر على المرضى بعد لجوء المستشفيات إلى تقليص بعض الخدمات وإغلاق العيادات الخارجية وتأجيل العمليات المجدولة، وتحويل بعض الأقسام إلى مراكز عزل للمشتبه بإصابتهم، وهذا أثر على المواطنين وأجبرهم على اللجوء لمؤسسات أهلية أخرى لتلقي الخدمة الطبية، أو على حسابهم الخاص، أو تقدموا للعلاج بالخارج.
وذكر د. صبح أن الفرق الصحية تم إرسالها إلى مستشفى غزة الأوروبي بمحافظة خان يونس، جنوبي قطاع غزة، المخصص لعلاج الحالات المصابة بـ"كوفيد-19".
كما أشار إلى أن "جميع الموارد أصبحت منصبة للاستجابة لمكافحة فيروس (كورونا) وعلاج الحالات المعزولة وتزامن ذلك مع ازدياد في نقص الأدوية والمستهلكات الطبية في وزارة الصحة، ووصل العجز في الأدوية لـ47 بالمئة، والمستهلكات لـ30 بالمئة، وهذا يؤثر جدًا على الخدمات والرعاية الأولية وأمراض السرطان والدم وفئات أخرى تتلقى خدمات في وحدات الغسيل الكلوي والعيون".
وبشأن المواد المخبرية اللازمة للفحوصات، وأجهزة فحص الحالات المصابة بـ"كوفيد-19"، قال صبح: إن قطاع غزة لديه أجهزة فحص كافية، كما لديها مواد مخبرية لإجراء الفحوصات اللازمة تكفي على الأقل لمدة شهر، مضيفًا: المنظمة وشركائها حريصون على توفير المواد لكن هذا لا يعني أننا لا نمر بفترات عصيبة يحدث فيها فجوة ونقص في المواد لفترة وجيزة أو لأيام إلا أن حين توفيرها".
وأكمل: الصحة العالمية منذ البدايات حريصة جدًا على توفير المواد الكافية للفحص، وأنفقت المنظمة 4 ملايين دولار لشراء أجهزة طبية لمستشفى غزة الأوربي، أو مواد لمنع العدوى والتلوث وملابس وقائية وكمامات كذلك.
واستدرك د. صبح: كما أننا حريصون على مراقبة الوضع عن قرب ونجتمع باستمرار مع الصحة ونطلع على الأرقام ونضع التوقعات وخططنا المستقبلية طبقًا لتحليل البيانات وأماكن انتشار الفيروس، لافتًا إلى بشائر بتوفر لقاحات ناجحة ضد الفيروس بحلول نهاية 2020، حيث من المقرر أن تؤمن الصحة العالمية حال نجاح الاختبارات؛ 2 مليار لقاح للدول التي لا تستطيع توفيره، وبالتأكيد فلسطين لها حصة من هذا التوزيع.