فلسطين أون لاين

الأطماع الأمنية والعسكرية الإسرائيلية فيما بعد التطبيع

جاء الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي، شاملًا العديد من البنود ذات الأبعاد الأمنية والعسكرية، التي تنص على التعاون الثنائي في هذه المجالات، وتعهدهما "باتخاذ تدابير مهمة لمنع استخدام أراضيهما لتنفيذ هجوم معاد يستهدف الطرف الآخر، وعدم دعم كل طرف أي عمليات معادية في أراضي الطرف الآخر، والتنسيق الأمني الثنائي، وتوثيق العلاقة الأمنية العسكرية".

زادت هذه النصوص المصاغة بدقة من فرضيات الاستفادة الإسرائيلية من القواعد العسكرية الإماراتية، سواء في الخليج العربي، أو باب المندب، أو البحر الأحمر، وصولًا لأن تنشئ “إسرائيل” قاعدة عسكرية في الإمارات، وإمكانية أن تمضي بهذا المسار لزيادة موطئ أقدامها في سوقطرى ومضيق باب المندب وجيبوتي.

بقدر ما تعطي الاتفاقية أملًا للإمارات تحديدًا، للدفاع عن نفسها أمام تهديد أي عدوان متوهّم من إيران، فإنها في الوقت ذاته تعرضها للخطر، لأن تحقق هذه الفرضية يعني أن “إسرائيل” يمكنها ضرب أهداف إيرانية في مياه الخليج، أو في قلب إيران ذاتها، ما سيقابله من استهداف إيراني لهذه القواعد الإسرائيلية في الخليج.

مع العلم أن الحديث الإسرائيلي عن إمكانِ الوجود العسكري في قواعد إماراتية، أو إنشاء قواعد إسرائيلية في منطقة الخليج، ليس وليد اللحظة، ولأن مثل هذه الترتيبات تستغرق وقتًا طويلًا، فمن المؤكد أن الأمر سبق بحثه بين “إسرائيل” والإمارات وما يجري الآن هو الإعلان عنه فقط.

إيران من جهتها، لن تقف صامتة على الخطوة الإماراتية -الإسرائيلية، ما يجعل الوضع بمنطقة الخليج مرشحًا للتأزم، فإيران موجودة في كل مكان عبر الحرس الثوري أو عبر خلاياها المسلحة النائمة، وذراعها الطويلة قد تشكل عامل استنزاف لهذه القواعد الإسرائيلية في الخليج.

يبدو أن هذه الأطماع الإسرائيلية لها ما يبررها ويدعمها، لأسباب عدة، أهمها أن تضع لنفسها موطئ قدم الخليج العربي، المنطقة المهمة إستراتيجيًّا ونفطيًّا وتجاريًّا، فضلًا عن كون وجودها العسكري في هذه البقعة سيقربها جغرافيًّا من إيران، ما يداعب طموحها بمحاولة تشديد الحصار حولها، وتضييق الخناق عليها.

أكثر من ذلك، فإن الاتفاق العلني الإماراتي الإسرائيلي، سيجعل أيدي جهاز الموساد طليقة بصورة رسمية في دول الخليج، بما في ذلك التعاون الأمني والاستخباري، لمواجهة كل تهديد يحيط بـ”إسرائيل”، عبر الوجود العسكري الإسرائيلي في القواعد الإماراتية، أو إقامة قواعد إسرائيلية داخل الحدود الإماراتية.

كما تستهدف “إسرائيل” من وراء ذلك، الوصول للسيطرة على المضائق البحرية الأهم في المنطقة، والتابعة للقواعد الإمارات والسعودية، ما يعزز تمدد نفوذها العسكري والاستراتيجي، بتمهيد الطريق لتكثيف التعاون العسكري بينهما في البحر الأحمر، وتوسيع التنسيق الأمني بهذه المنطقة، وصولًا لتعزيز تحالفهما العسكري.