ليس شرطاً أن تكون كبيرا في السن أو ضخم البنية وشواربك "نص متر" ويقف عليها الصقر كي تكون لك هيبة أو تقف أمام مختار الحارة و(تخلعه كف) وتقول له (لا).
هكذا تُعلمنا الوقائع القادمة من بطن التاريخ، وفي القرآن: (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله).
ما سبق ينطبق على غزة، حيث الحصار يطبق أنيابه على مفاصل الحياة لأهلها للعام الرابع عشر على التوالي بدعوى أنهم وفق التصنيف الدولي الظالم (إرهابيون)، وعليهم إن أرادوا الحصول على صك الغفران أن يعترفوا بـ"إسرائيل".
ومع أن غزة من حيث مساحتها صغيرة وإمكاناتها صفر فلا نفط ولا فوسفات ولا مناجم ذهب ولا حديد، لكن الله حباها برجال أقوى من الحديد ضربوا مختار الحارة أكثر من كف، صحيح أنهم لم يقتلوه، لكنه صار يمشي خَجِلاً بعدما كان منتصب القامة يمشي بين مخاتير البلد.
أحدث كف يتلقاه الاحتلال هو "قصد السبيل" من إنتاجات مقاومة غزة "والذي أثلج صدور قوم مؤمنين، حيث التطور الهائل في قدرات المقاومة كما جاء في برنامج "ما خفي أعظم".
ويمكن ملاحظة ما جاء فيه:
أسلوب الإغراء والتهديد الذي يمارسه الأعداء عبر التاريخ كي تنزع غزة سلاحها مقابل وعد بكسرة خبز مبللة بالمهانة، سلموا سلاحكم ولكم ما سألتم، لكن أهل غزة يؤمنون بـ "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم".
الإيمان بأن رزق الله عز وجل لا تمنعه السدود " فمن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب"، فمن كان يظن أن رزق الله للمقاومة سيكون من عمق البحر وبعد 100 عام من غرق سفينتين بريطانيتين حملتا أسلحة لقتل أهل فلسطين؟
حفظ الله للمجاهدين الذين استخرجوا الأسلحة من عمق البحر في مهمة أشبه بالمعجزة نظراً لوسائل المراقبة الصهيونية لبر وبحر وسماء غزة، لكن لله كلمة (وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون).
إن ديدن الأعداء شراء ذمم من يستطيعون لاستخدامهم في تحقيق أهدافهم الدنيئة ضد الأبرياء والمجاهدين، وكما قال الله عز وجل: "وفيكم سماعون لهم" لكن وعد الله أقوى "والذين جاهدوا فينا لنهديهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين".
جاء في ذكرى اتفاقية أوسلو ومع هرولة عربية نحو التطبيع وكأن القسام يقول لا ترهبنكم "إسرائيل" فنحن مع قلة إمكاناتنا نتقدم في كل المجالات.
ما خفي أعظم يؤكد أن الإرادة إن توافرت سيحقق الرجال ما يصبون إليه، وهو درس لكل من ظن أن "إسرائيل" حوت ضخم يبتلع كل من يقابله، بل إنها سهلٌ إزالتها من الوجود، فهي أوهن من بيت العنكبوت وهم ليسوا على قلب رجل أو فكرة واحدة بل "تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى" هذا جزء من كلام الله لا كلامي، وما خفي أعظم.