تمثل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان قلاع صمود بعد أن كانت أحد أهم خزانات الثورة إبان حقبة السبعينيات بداية الثمانينيات؛ وقد خاضت المخيمات صراعات للدفاع عن كيانها تارة أو عن سكانها تارة أخرى؛ وكانت المخيمات وما زالت محل استهداف بعض الأحزاب المسيحية اللبنانية؛ حيث تعرضت للمذابح على أيدي هذه الأحزاب؛ في حين لا تزال الحكومات اللبنانية المتعاقبة تخنق المخيمات بالقوانين التي تدفعهم للهجرة وتفريغ المخيمات؛ حيث اصبح عدد اللاجئين في مخيمات لبنان أقل من نصف مليون لاجئ بعد أن كان أضعاف هذا العدد بثلاث مرات تقريبا.
ومنذ خروج المنظمة من لبنان عام 1982 وما تعرضت له في أعقاب ذلك في مذبحة صبرا وشاتيلا؛ نصب النسيان والاهمال خيمته فوق ربوعها؛ وباتت المخيمات في حنين لشم عبق الأرض المحتلة من قائد يعزف على أوتار عزمهم لحن العودة من جديد.
فكان إسماعيل هنية القادم من غزة الصمود الذي ما زالت ملابسه تحمل غبار ثلاث حروب مشرفة مع الكيان المحتل؛ وما زالت كلماته الرنانة تتزين بالعزة والفخار التي توجتها صفقة وفاء الأحرار؛ وما زالت حدقتا عينيه السوداوان تنطبع عليهما أعراس تشييع الشهداء مجللين بقسم الوفاء والانتقام.
هنية القادم من المخيم القابع على الساحل ذاته ولكن في الجهة المقابلة جنوبا؛ ليس غريبا عليه واقع مخيمات الصمود في لبنان؛ التي يسكنها اللاجئون بقوة الإرادة والثقة الكاملة بالعودة إلى الوطن الذي عشقوه حتى النخاع وضحوا في سبيله حتى الرمق الأخير.
أحلام العودة تراءت لهم مشاهده من جديد حين تراءت لهم إطلالة إسماعيل هنية، لتفجر في مخيماتهم حماسة الترحيب والاحتفاء برمزية القدوم وبرسالة المقاومة التي افتقدوها منذ زمن طويل.
الأمر الذي عبرت عنه الشعارات الفياضة النابعة من الأعماق التي بالكاد تترجم شذرات من الأشواق والارتباط بالأمل؛ بقائد تصدح كلماته بالتحدي وتنطلق في سمائهم كالرصاص؛ ليؤكد أن البوصلة لن تشير إلا إلى فلسطين؛ وأن بنادقنا لا تخطئ ولا تنحرف وستبقى القدس وجهتها، نذخرها بالعزم والإرادة ونصبغها بالدماء الزكية الطاهرة ونمهرها بالتضحيات لتفتح لنا الآفاق الواعدة بالتحرير والعودة.