شاركت قيادة حركة المقاومة الإسلامية حماس ممثلة في قائدها المجاهد إسماعيل هنية ووفد رفيع في احتفالات ذكرى استقلال الجزائر هذه المشاركة في الاحتفالات السنوية للجزائر الشقيق تحمل دلالات وإبعادًا في التوقيت والمكان.
فقد وجهت طبيعة ومكانة وموقع هنية على منصة القيادة بين القادة والرؤساء رسالة من القوة والهيبة؛ تعكس وتناسب قوة حماس وفاعليتها ودورها القيادي في الساحة الفلسطينية؛ وموقعها المتقدم بين العرب والمسلمين؛ الأمر الذي التقطته القيادة الجزائرية العائدة بقوة للعب دور فعال في الساحة الإقليمية من بوابة احتضان المقاومة الفلسطينية.
حضور قيادة المقاومة الفلسطينية المحاصرة والمطاردة احتفالات كبرى وأقوى دول المغرب العربي يعد ذا مغزى كبير؛ ويعتقد أنها الرسالة الأبرز خارجيًّا في الاحتفالات.
الجزائر النخبوي كما الشعبي يضع دعوة المجاهد هنية إلى زيارة الجزائر في إطار العلاقات الطبيعية للجزائر بلد المجاهدين والثوار ضد المحتل؛ الذين يضرب بهم المثل في التضحية والفداء فهم بلد المليون شهيد وأكثر.
والثورة الفلسطينية تقتدي في جهادها بالجهاد الذي قام به الجزائريون ضد الاحتلال الفرنسي أحد أبرز الداعمين للاحتلال الصهيوني.
وكأن الجزائر تقول للجميع بأن طريق تحرير فلسطين هو ذات الطريق الذي سلكته الجزائر وهو طريق المقاومة والجهاد في سبيل الله من أجل الوطن.
كما أن من دلالات الزيارة مشاركة الجزائر للمقاومة الفلسطينية في تأكيد رفضها التطبيع مع العدو الصهيوني؛ ووقوفها مع المقاومة الفلسطينية.
وهو موقف يحظى بإجماع الجزائريين على المستويين الرسمي والشعبي.
زيارة هنية للجزائر هي الأولى من نوعها لقيادة أقوى حركة مقاومة فلسطينية تحمل أبعادًا إستراتيجية؛ فالجزائر التي طالما احتضنت الثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير ما زالت تسير على نفس الدرب في رفض الالتحاق بقطار التطبيع العربي.
في وقت تعرف فيه الجزائر أن من فتح باب التطبيع مع العدو الصهيوني هم ذات الثوار الذين كانت تحتضنهم.
إلا أن استمرار احتضانها للمقاومة الفلسطينية بالتزامن مع الذكرى الستين لاستقلال الجزائر، إشارة رمزية لوقوف الجزائر مع الثورة والمقاومة وليس مع فصائل أو أشخاص؛ ومن هذا الموقف تسعى الجزائر لأن تكون الحاضنة للم الشمل الفلسطيني.
ومن هنا لا نستبعد تنظيم الجزائر لقاء مصالحة بين عباس وهنية؛ رغم عدم تفاؤلنا بالنتائج.
طالما كانت الجزائر قاعدة للعمل الفلسطيني في الخارج، في الثمانينات والسبعينات؛ فهل يعيد التاريخ نفسه وتكون حاضنة خلفية للعمل المقاومة سياسيًّا ماديًّا ومعنويًّا؛ هذا يتوقف على قيادة الجزائر وإلى مدى قد تذهب في هذا الطريق.
كما يتوقف على قدرة حماس وبراعة هنية السياسية في تمهيد الساحة الجزائرية لتواجد قوى وإن كان غير فاقع للمقاومة فيها.
رغم التضييق والحصار والملاحقة التي تتعرض لها حركة حماس كرأس حربة للمقاومة الفلسطينية بضغط وتعليمات من الإمبريالية الأمريكية؛ فإن الجزائر على ما يبدو اختارت أن تشق عصى الطاعة الأمريكية والصهيونية وأن يكون لها طريقها العروبي؛ فحرصت على أن تقيم علاقات طيبة مع حركة حماس رغم التداعيات السلبية التي قد تلحقها من القوى الاستعمارية.
أما عن طبيعة وكرم استقبال قائد المقاومة الفلسطينية إسماعيل هنية بالجزائر؛ فهو تعبير عن وفاء الجزائر وتلبية لرغبة شعبها المعطاء؛ ويعكس أصالة موقف الجزائر السياسي والشعبي.
فالجزائريون يعدون المقاومة جزءًا منهم وامتدادًا لثورتهم، كما يعدون أن استقبال قادة المقاومة الفلسطينية بحفاوة هو أقل الواجب على طريق التعبير عن تضامنهم ومساعدتهم للشعب الفلسطيني الذي كما أسلفنا يعدونه جزءًا لا يتجزأ من مكوناتهم ورصيدهم وتاريخهم.
الاستقبال الكبير الذي حظي به هنية في الجزائر فضلًا عن كونه صفعة في وجه جميع المطبلين والمطبعين مع العدو الصهيوني؛ فهو يمثل كذلك رسالة عروبية قومية ترسل شعاعًا من أمل، بأن قلاعًا للثورة والمقاومة لما تسقط بعد ولن تسقط، ولن نفقد الأمل ولن نستسلم حتى يصحوا العرب ويعلموا أن مكامن قوتهم وعزتهم هو بدحر العدو الصهيوني عن أرضنا وقدسنا ومسرى نبينا، وليس بمصالحته والتطبيع معه.
استقبال الجزائر الحافل لقائد المقاومة رسالة فخر وعزة لكل فلسطيني.
فهنية على منصة الرؤساء لا يمثل نفسه، بل يمثل كل أسر الشهداء والأسرى والجرحى والمبعدين يمثل الوجع والألم كما يمثل الأمل بفجر الحرية القادم.
يمثل العزة والصمود الذي يمارسه المقدسيون في شوارع القدس العتيقة وساحات المسجد الأقصى كل يوم.
يمثل الثوار المنتفضين في شوارع الضفة المحتلة بقليل من الرصاص وكمشة حجار يغسلون بتكبيراتهم المرعبة ما لحق بالأمة من عار.
يمثل المجاهدين المرابطين في خنادق النضال في غزة.
كما يمثل شعبنا اللاجئ في الشتات بالملايين المرابطين على حدود العودة.