يشكل إنجاز الاتفاق الأخير في غزة بين المقاومة والاحتلال، مناسبة لطرح تساؤلات عما حققه الطرفان ، وكيف أثر وباء كورونا على ميزان القوى، وما دلالات الاتفاق، الذي طوى شهرا من التصعيد الإسرائيلي في القطاع، على الأقل في الوقت الحالي.
توقفت الاشتباكات المتقطعة بين الاحتلال والمقاومة، مؤقتًا على الأقل، باتفاقهما بوساطة مصرية وقطرية، لإنهاء هذه الجولة التصعيدية على طول حدود قطاع غزة، التي بدأت بعودة تدريجية للبالونات الحارقة بطريقة أدت لاندلاع حرائق واسعة النطاق في مستوطنات النقب، بعضها حمل عبوات ناسفة مرتجلة تسبب انفجارا قويا، وفي وقت لاحق، بدأ إطلاق الصواريخ على المستوطنات، بهدف رفع الحصار عن غزة.
تمثل الهدف الفلسطيني بتحسين الوضع الاقتصادي للقطاع، وتعزيز مشاريع البنية التحتية، كالمياه والصرف الصحي والكهرباء، وزيادة عدد العمال المتجهين للداخل المحتل، وزيادة ميزانية المساعدات القطرية، وتوسيع المساعدات الاقتصادية للأمم المتحدة.
"بدأت نهاية" جولة التصعيد مع دخول المبعوث القطري إلى غزة، وتبادل الرسائل بين إسرائيل وحماس، حيث وافقا على عدة تفاهمات تمثلت بدخول المنحة القطرية، وفتح معبر كرم أبو سالم للبضائع والوقود والغاز، وصيد الأسماك، مقابل وقف البالونات وإطلاق الصواريخ، مما يؤكد أن حماس مهتمة بتحسين الاقتصاد بشكل كبير، وإزالة القيود المفروضة على الحركة من وإلى القطاع.
تزعم إسرائيل أن المشاريع الكبيرة التي تريدها حماس، كمناطق التشغيل، وتصدير ودخول مختلف أنواع السلع، وتسريع إعادة تأهيل البنية التحتية، لن تتم دون حل لقضية الأسرى الإسرائيليين، مع أن غزة تعاني أزمة اقتصادية حادة تفاقمت على خلفية أزمة كورونا.
تؤكد هذه المعطيات أننا أمام حل مؤقت فقط، مما قد يؤدي مستقبلا لتوتر في الشارع الفلسطيني، واستعداد لاستئناف جولة أخرى، لأنه في وضع لا توجد فيه استراتيجية إسرائيلية واضحة لما يجب فعله في قطاع غزة، فقد يفاجأ الجيش الإسرائيلي مرة أخرى بجولة أخرى من التصعيد.
مع أن التوصل لاتفاق حماس وإسرائيل لوقف تصعيد غزة مدعاة لمعرفة ميزان الربح والخسارة بينهما، صحيح أن الأموال القطرية دخلت غزة، وعادت الكهرباء من جديد، لكن الأسئلة المفتوحة تلمح إلى الجولة التالية، بعد أن أنهت إسرائيل هذه الجولة بسرعة، ودون تصعيد كبير يستلزم حملة جوية ثقيلة، وربما برية.
منذ بداية جولة "تصعيد البلالين"، يبدو أن الطرفين أرادا إنهاء الأزمة إذا حصلا على الحد الأدنى من المطالب، مع أن التهدئة كانت بطيئة ومضبوطة، ولكن في غياب اتفاقية طويلة الأمد وشاملة، فلن يكون هناك هدوء مطول، ولا حتى هدنة، مما يجعل الجولة التالية من البالونات مسألة وقت فقط.