فلسطين أون لاين

ناجحو "دورة الإكمال".. فرحة محصورة بـ"جدران العالم الافتراضي"

...
غزة - مريم الشوبكي

صوت الزغاريد ودق طبول الفرق الشعبية (فدعوس) غاب صداه عن بيوت ناجحي الثانوية العامة دورة الإكمال التي أعلنت نتائجها في مطلع أيلول (سبتمبر)، واقتصر استقبالهم التهاني خلف شاشات هواتفهم الذكية، فـكورونا لم يجعل فرحتهم تكتمل بعد ظهوره داخل المجتمع في قطاع غزة.

لم يستطع الناجحون ولا أهاليهم استقبال المهنئين بالنجاح كما جرت العادة، وقد ألغوا وعودهم بإقامة حفلات نجاح.

"نفسي أعيش إحساس الفرحة مع طبول النجاح" بهذه الكلمات يبدأ عمر النعسان حديثه عن تلقيه نتيجته في مرحلة الإكمال، رغم تفوقه بحصوله على معدل 91%.

فـجائحة كورونا فعلت أفاعيلها لتغيب الفرحة التي كانت ستسود أجواؤها بين عائلته وأصدقائه، بعد أن تحداهم ونفسه واتخذ قرارًا بإعادة ثلاث مواد من المنهاج ليرفع معدله الذي كان 86%، وبالفعل نجح واجتاز التحدي بجدارة.

يقول النعسان الذي يقطن في مدينة غزة لصحيفة ""فلسطين": "هذا المعدل قربني أكثر نحو حلمي بدراسة الطب، وقد تكون الفرحة الوحيدة التي غطت على منغصات الاحتفال مع كورونا".

ويضيف: "في المرة الأولى عند نجاحي بمعدل 86% فرح والدي كثيرًا، ولكني لم أذق طعم الفرحة، لأن توقعي كان يفوق بكثير هذا المعدل، الذي حال بيني وبين حلمي بدراسة الطب".

ويتابع النعسان: "الاحتفال بنجاحي لم يخرج نطاق جدران البيت، حيث أعدت أمي الحلويات، وغاب عن المشهد أبناء عمومتي وأصدقائي".

أما سجى عبد الماجد فتبادلت التهاني على جدار صفحتها في موقع (فيس بوك)، فانهالت المباركات من صديقاتها وعماتها وأعمامها على اجتيازها دورة الإكمال بنجاح.

فرحتها في المرة الأولى غابت بسبب رسوبها في مادة الرياضيات، وفي المرة الثانية غيبتها كورونا رغم نجاحها بمعدل 66% بفرع العلوم الإنسانية.

سجى وعدتها والدتها بإقامة حفلة في حال اجتيازها اختبارات الإكمال، لكن وعدها أوقفه حظر التجوال لمنع تفشي كورونا بين المواطنين في القطاع.

زغاريد والدتها لم تهدأ، ودموع فرحتها بنجاح ابنتها الكبرى انسكبت على خديها، ووزعت الحلوى على الجيران والأقارب في محيط بيتها.

تقول سجى من حي الدرج بمدينة غزة لصحيفة "فلسطين": "دموع والدتي واحتضانها لي لحظة معرفة نتيجتي من موقع وزارة التربية والتعليم الإلكتروني، يكادان يكونان أنسياني غصة عدم نجاحي في المرة الأولى، وعدم مشاركة الأقارب والصديقات في فرحتي التي طال انتظارها".

أما رائد قاسم الذي أراد أن يصنع أجواء الفرحة رغم الإجراءات الوقائية فركب دراجته النارية وتوجه نحو أحد محال الحلويات وابتاع صينية من كنافة "المبرومة"، ووزعها على جيرانه، ونشر صورتها على (فيس بوك)، مداعبًا أصدقاءه على الافتراضي: "مدوا إيدكم تحلوا من تحلاية نجاحي".

قاسم لم يحصل على شهادة الثانوية العامة في المرة الأولى بسبب رسوبه في مادة التاريخ، وبعد اجتيازه دورة الإكمال استطاع الحصول على معدل 63%.

كان يخطط أحد أصدقائه لإطلاق الألعاب النارية في الهواء إن نجح، وآخر وعده بزفة في سيارة والده بشوارع مدينة غزة، يقول: "أجواء الخوف من فيروس كورونا بددت كل مخططاتي، وما أتمناه حاليًّا أن نخرج سالمين من هذه الجائحة".

وتقدم لدورة الإكمال لطلبة الثانوية العامة بغرض التحسين (2250) مشتركًا/ة من الطلبة الذين نجحوا في الدورة الأولى، لرفع معدلاتهم، وقد استطاع (1767) طالبًا/ة منهم تحسين معدلاتهم، وستعقد الدورة الثالثة من امتحان الثانوية العامة في موعدها في كانون الأول (ديسمبر) القادم.