لا شك أن كيان الاحتلال الصهيوني مسؤول مسؤولية كاملة عن جريمة حريق الأطفال الثلاثة الأشقاء من عائلة الحزين، الذين قضوا في حريق شب بمنزل عائلتهم أول من أمس في مخيم النصيرات، وسط قطاع غزة جراء اشتعال شمعة في ظل تواصل انقطاع الكهرباء لفترات طويلة.
فالشهداء الثلاثة هم ضحايا الحصار الصهيوني الخانق الذي يفرضه على قطاع غزة، والمتواصل للعام الرابع عشر على التوالي.
الشهداء الأطفال الثلاثة هم ضحايا منع إدخال العدو للوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء.
الشهداء الأطفال الثلاثة ومن سبقهم من ضحايا حرائق الشموع، هم ضحايا صمت واهمال المجتمع الدولي لهذه المأساة الانسانية المستمرة في هذه البقعة الملتهبة منذ اكثر من 14 عاما.
ألم يأن للمجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته في ممارسة الضغط على الاحتلال الصهيوني كي يرفع حصاره الظالم عن القطاع، الذي ألحق أضراراً فادحة بحياة ومصالح المواطنين، وأودى بحياة العشرات من الأطفال في قطاع غزة.
تمثل جريمة حريق الأشقاء الثلاثة يوسف عمر الحزين (3 سنوات) ومحمود (4 سنوات) ومحمد (5 سنوات)، مساء الأول من أيلول/ سبتمبر 2020م حرقاً، بسبب شمعة في مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة، استمراراً لمسلسل طويل من الحرائق، فقبلها فجع قطاع غزة، بل فجعت الانسانية بحرائق أخرى مماثلة:
فقد توفيت أسرة كاملة مكونة من ستة أشخاص، هم الأب والأم وأطفالهما الأربعة من عائلة ظهير في حي الشجاعية، نتيجة حريق تسببت به شمعة في كانون الثاني/يناير 2013.
-واحترق منزل الأخ أمين البوبلي في مخيم المغازي للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة بسبب شمعة بتاريخ 15/2/2013.
- كما أتت النيران على كامل منزل هائل ذياب القصاص في مدينة غزة والتسبب بأضرار جسيمة في 25/3/2013.
- واحترق منزل أمجد عمران في خانيونس بتاريخ 7/12/2013 وسبب حالات اختناق متفاوتة لثلاثة من أطفال العائلة كذلك بسبب شمعة.
- وفي 26/3/2014 توفيت الطفلتان الشقيقتان ملك شيخ العيد (سنتان) وغنا (سنة) وأصيبت شقيقتهما شهد (14 سنة) في رفح جنوب قطاع غزة، وأصيب والدهم بجروح مختلفة نتيجة حريق شب بالمنزل بسبب شمعة.
- كما احترق منزل محمد أبو الريش في حي النصر غرب مدينة غزة بتاريخ 26/3/2015 بسبب شمعة.
- وفي 19/12/2015 احترق منزل نعيم زغرة في مخيم الشاطئ هو الآخر بسبب شمعة.
- وفي مساء الجمعة 6 أيار/مايو 2016 وفي مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين فجعنا بوفاة ثلاثة أطفال من عائلة واحدة (يسرى ورهف وناصر محمد أبو الهندي) الذين تتراوح أعمارهم بين شهرين وأربع سنوات) في حادثة تشبه إلى حد كبير فاجعة عائلة الحزين.
إن انقطاع التيار الكهربائي، وعدم توفير الوقود اللازم، هو جزء من الحصار الظالم والمقيت، ويتحمل مسؤوليته بالدرجة الأولى الكيان المحتل ومن يتواطأ معه، ومع استمرار صمت المجتمع الدولي على استمرار الحصار للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، لن تكون هذه الفاجعة هي الأخيرة.
في الدول والمجتمعات المستقرة يستخدمون الشموع عادة للاحتفالات في المناسبات السعيدة، وللتعبير عن الفرح بميلاد جديد، لكن في المجتمع الفلسطيني أجبر الحصار الصهيوني شعبنا المحاصر في قطاع غزة على استخدام الشموع بديلا عن الكهرباء، ما تسبب بوقوع حرائق وفواجع، لتصبح أيقونة للموت لا الميلاد.
استخدم الشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة الشموع بديلة عن الكهرباء والإنارة المنزلية، لكن وبعد وقوع العديد من الحرائق والفواجع في الأطفال والمنازل، بادر العديد من النشطاء والمؤسسات بوضع بدائل عن استخدام الشموع، وهي بدائل متوافرة ورخيصة الثمن.
الأمر الذي يفرض على الحكومة أولا، ثم على المؤسسات الانسانية والخيرية ثانيا، وضع خطة شاملة، لتفقد بيوت الغزيين، لجهة توفير البدائل الآمنة والرخيصة والمتوفرة، للحيلولة دون استمرار مسلسل الفواجع التي لا تكاد تتوقف في حياة الشعب الفلسطيني.
فتحميل الاحتلال المسؤولية عن هذه الفواجع، ومناشدة المجتمع الدولي للقيام بمسؤولياته الانسانية تجاه حصار قطاع غزة، لن يحلا المشكلة، ما يفرض علينا المبادرة حكوميا، ومجتمعيا للحفاظ على حيواتنا، وانقاذ الطفولة المدمرة والمستهدفة.
مع بالغ عزائنا لعائلة الحزين ولجميع العوائل التي فجعت في فلذات أكبادها، سائلين المولى عز وجل لهم الصبر والسلوان، ولنا العبرة والمبادرة لإنهاء المأساة.